مجازر بشار الأسد: فرحة السقوط وآلام الاعتقال (تجربتي)
الدكتور محمد سعيد طوغلي
لطالما كانت سورية بلد الحضارة والتاريخ، بلد الأمن والأمان ، يعيش السوريين فيها بحب وسلام الجميع فيها اخوة متحابون ، لايعنيك ان جارك مسيحي سني علوي درزي ، تجمعهم سوريتهم التي يفتخرون بها.
في حكم الاسد اصبحت سورية
مسرحاً لصراعات دامية وجرائم إنسانية لا تُعد ولا تُحصى، كان في مقدمتها مجازر النظام السوري بقيادة المقبور حافظ الاسد في محافظة حماه والتي راح ضحيتها أكثر من اربعمائة شهيد بينهم اطفال وشيوخ ونساء .
وفي عهد الطاغوت بشار الأسد. منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، واجه الشعب السوري آلة القتل والتدمير، حيث ارتكب النظام جرائم ضد الإنسانية، شملت القصف العشوائي، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب داخل السجون.
عانيت شخصياً من تجربة الاعتقال ثلاث مرات ،شهر ..ثلاثة شهور…سنة ، حيث تم اقتيادي إلى أحد سجون النظام الفرع 215، ومن ثم فرع المنطقة والفرع الاداري وتم نقلي بعدها إلى فرع الدوريات وانتهى بي المطاف في فرع فلسطين . حيث عشت أوقاتاً من الرعب والمعاناة.
كانت تلك الأيام مليئة بالظلم، حيث تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي، ورأيت بأم عيني كيف يُهان الإنسان ويُحرم من أبسط حقوقه.
داخل السجن استقبلني جنود بوجوه قاسية وأسلوب عدائي. تم وضعي في زنزانة ضيقة تفتقر إلى الضوء والتهوية. كانت الزنزانة مليئة بالناس، وكل واحد منهم يحمل قصة مؤلمة. كنا نتبادل الأحاديث بصوت منخفض، نحاول أن نخفف من وطأة المعاناة .
لقد تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي بشكل يومي. كانت هناك أساليب قاسية تُستخدم لإرهابنا وكسر إرادتنا. عانيت الضرب، والتعليق من الايدي او الارجل ( الشبح ) .
ناهيك عن الحرمان من النوم والطعام .
التعذيب النفسي كانت جزءاً من روتين الحياة اليومية. كنت أرى زملائي يتعرضون لانتهاكات مروعة، مما جعلني أشعر بالعجز واليأس.
رغم كل ما تعرضت له، كانت هناك لحظات من الأمل. كنت أستمد قوتي من ذكرياتي عن عائلتي وأصدقائي. كانت قصصهم تشجعني على الصمود وعدم الاستسلام. كنا نتحدث عن أحلامنا وآمالنا في الحرية، وكانت تلك الأحاديث تمنحنا القوة للاستمرار.
بعد فترة طويلة من المعاناة، جاء اليوم الذي تم فيه الإفراج عني. كانت لحظة الخروج من السجن مليئة بالفرح والدهشة. شعرت بأنني ولدت من جديد، ولكنني كنت أعلم أن آثار تلك التجربة ستظل معي إلى الأبد.
تجربتي في سجون الأفرع الأمنية كانت قاسية وصعبة، ولكنها علمتني الكثير عن قوة الإرادة الإنسانية وصمود الروح. رغم كل ما حدث، أؤمن بأن الحرية ستأتي يوماً ما، وأن صوت الحق سيعلو فوق كل الأصوات. سأظل أروي قصتي لأذكّر الجميع بأن القمع لن ينجح في كسر إرادة الشعب السوري.
كانت تلك التجربة بمثابة جرح عميق في قلبي، لكنني كنت أدرك أن هذا الظلم لن يدوم.
ومع كل اعتقال كنت شاهداً على مجزرة بحق المساجين الذين كانوا يطلبون الموت من هول العذاب .
وهذه الجرائم ولدت شعور متزايد بالاستياء والغضب في اوساط الشعب السوري. كنا نؤمن بأن الحرية والكرامة ستتحقق يوماً ما، وأن الظالمين لن يفلتوا من العقاب. ومع مرور الوقت، بدأت أصوات الشعب تتعالى، مطالبين بالحرية وبإنهاء حكم آل الأسد الذي دام لعقود.
اليوم انتهى حكم بشار الأسد، نشعر جميعاً بفرحة عارمة.
إن سقوط هذا النظام الفاسد يعني بداية جديدة لسوريا، حيث يمكن للشعب أن يبني مستقبله بعيداً عن الظلم والقمع.
إن العالم سيكون أفضل بدون آل الأسد، الذين لم يجلبوا سوى الدمار والمعاناة لشعبهم ولدول الجوار .
إن الفرحة بسقوط بشار الأسد ليست مجرد فرحة شخصية، بل هي فرحة لكل سوري عانى من ويلات هذا النظام. هي فرحة لكل من فقد عزيزاً أو تعرض للاعتقال أو عاش تحت وطأة الخوف والقلق.
لقد حلمنا أن يأتي يوم نرى فيه سوريا حرة، تسود فيها قيم العدالة والمساواة، ويكون فيها لكل صوت مكان وقد حققناه بفضل الله وفضل الابطال .
يبقى الأمل قائماً في بناء وطن جديد يعكس تطلعات شعبه ويعيد له كرامته. إن سقوط بشار الأسد هو بداية الطريق نحو هذا الوطن، وطن يستحقه كل سوري عانى في سبيل الحرية.