
إيران واسرائيل حرب مفتوحة
الدكتور محمد العبادي
تشهد المنطقة اليوم تصعيداً غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، حيث شنّت إسرائيل فجر الجمعة 13 يونيو 2025 هجومًا جويًا واسع النطاق على عشرات المواقع داخل إيران، استهدفت خلالها منشآت نووية وعسكرية وقواعد صواريخ وقادة بارزين، مستخدمة أكثر من 200 طائرة وأكثر من 330 سلاحًا مختلفًا في عملية أطلقت عليها “الأسد الصاعد” .
الحصيلة الأولية للهجوم بلغت 78 قتيلاً و329 جريحًا، من بينهم علماء نوويون وقادة عسكريون . في المقابل، أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ وأغلقت سفاراتها حول العالم تحسباً لأي رد إيراني، فيما أغلقت إيران مجالها الجوي وتوعدت برد قاسٍ .
الحدث أوقف أي مفاوضات كانت جارية حول الملف النووي الإيراني، ويزيد من احتمالات التصعيد الإقليمي في الأيام القادمة .
وكان الرد الصاروخي الإيراني على إسرائيل من أبرز أوجه هذا التصعيد، حيث استخدمت إيران صواريخ دقيقة لاستهداف مواقع إسرائيلية في الرد على ما تعتبره اعتداءات أو انتهاكات من الجانب الإسرائيلي.
وتعتبر إيران هذا الرد وسيلة دفاعية لردع إسرائيل عن مواصلة استهدافها.
تعتمد إيران على مجموعة من الصواريخ الباليستية والصواريخ الدقيقة، التي تتميز بمدى طويل ودقة عالية، مثل صواريخ “قدس” و”زلزال” و”فاتح”. هذه الصواريخ قادرة على ضرب أهداف استراتيجية داخل الأراضي المحتلة بدقة كبيرة.
تركز الردود الصاروخية الإيرانية على مواقع عسكرية إسرائيلية في تل ابيب و في شمال إسرائيل، وكذلك على منشآت استخباراتية أو مواقع تجمع قوات خاصة إسرائيلية.
قد تؤدي هذه الردود إلى رفع حالة التأهب العسكري في إسرائيل وزيادة انتشار أنظمة الدفاع الجوي مثل “القبة الحديدية”.
اذا بدأت التوترات بين إيران وإسرائيل تتصاعد بشكل مستمر،
حيث ترى إيران ان اسرائيل استهدفت قادة الصف الاول ومراكز الانشطة النووية وهذا اعتداء سافر على سيادتها .
بينما ترى إسرائيل أن الأنشطة النووية الإيرانية تشكل تهديداً وجودياً لها.
التحركات العسكرية والتصريحات السياسية من الجانبين تزيد من حدة التوتر، وهناك مخاوف من أن تؤدي هذه التوترات إلى صراع عسكري مباشر. كما أن الوضع في المنطقة معقد بسبب التدخلات الخارجية والمصالح المتعارضة للدول الكبرى.
بشكل عام، الوضع يتطلب متابعة دقيقة، حيث أن أي تصعيد يمكن أن يؤثر على استقرار المنطقة بأكملها.
إن ربط الأحداث الجارية في إيران وإسرائيل بمخطط مسبق هو موضوع معقد ويتطلب تحليلًا دقيقاً للعديد من العوامل. هناك عدة نقاط يمكن النظر إليها .
العلاقات بين إيران وإسرائيل كانت متوترة، خاصة منذ الثورة الإيرانية عام 1979. هذا التاريخ الطويل من الصراع يجعل من السهل رؤية الأحداث الحالية كجزء من مخطط مستمر.
حيث أن كل من إيران وإسرائيل تقومان بأنشطة عسكرية واستخباراتية تهدف إلى تعزيز أمنهما القومي.
إسرائيل تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، بينما تسعى إيران إلى دعم الجماعات المسلحة التي تعتبرها حلفاء في مواجهة إسرائيل.
وهناك ايضا العديد من القوى الإقليمية والدولية التي تلعب دوراً في هذا الصراع، مما يزيد من تعقيد الأمور.
مصالح هذه القوى قد تؤدي إلى تصعيد التوترات أو حتى إلى تخطيط استراتيجي يتضمن استخدام إيران وإسرائيل كأدوات للصراع.
عندها نعود إلى نظرية المؤامرة، بعض المراقبين يرون أن هناك مخططات مسبقة تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، ولكن من الصعب إثبات ذلك بشكل قاطع. الأحداث غالباً ما تكون نتيجة لتفاعلات معقدة بين مختلف الفاعلين.
وايضاً التحولات و التغيرات السياسية الداخلية في كل من إيران وإسرائيل قد تؤثر أيضاً على طبيعة العلاقات بينهما، حيث يمكن أن تؤدي الأزمات الداخلية إلى تصعيد الصراع الخارجي كوسيلة لتوحيد الصفوف.
في النهاية، لا يمكن الجزم بوجود مخطط مسبق، ولكن الأحداث الجارية تعكس تفاعلات معقدة بين عوامل تاريخية وسياسية وعسكرية.
من الصعب التنبؤ بدقة بما إذا كانت إيران سترد على إسرائيل رداً مزلزلا.ً ، حيث يعتمد ذلك على مجموعة من العوامل المعقدة، بما في ذلك التطورات العسكرية .
وفي حال توسعت دائرة الحرب تظهر
التحالفات الإقليمية ،قد تدعم إيران كل من روسيا والبرازيل والصين وغيرها وبعض الفصائل الفلسطينية وهذا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الصراع .
وبالمقابل ستقف الولايات المتحده وبعض الدول الاوربية مع اسرائيل .
هذا الامر يناقش فيما بعد ،لأن الضغوط السياسية والاقتصادية داخل إيران تؤثر على قرارها بالرد. في بعض الأحيان، قد تستخدم الحكومة الإيرانية التوترات مع إسرائيل كوسيلة لتوحيد الشعب خلف القيادة.
لأن الهدف الواضح للمراقبين هو تغيير نظام الملالي .
ردود الفعل المحتملة من القوى الكبرى قد تؤثر أيضاً على قرار إيران. إذا كانت هناك مخاوف من تصعيد كبير قد يؤدي إلى تدخل دولي، فقد تختار إيران عدم الرد بشكل مباشر.
قد تختار إيران اتباع استراتيجية صبر وتجنب التصعيد المباشر، مع التركيز على تعزيز نفوذها الإقليمي بطرق غير مباشرة.
بشكل عام، العلاقات بين إيران وإسرائيل معقدة للغاية، وأي رد فعل قد يكون مدروساً بعناية لتجنب تصعيد النزاع إلى مستويات غير قابلة للتحكم.
التنبؤ باندلاع حرب عالمية ثالثة هو أمر معقد وصعب، ويعتمد على مجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية. هناك بعض النقاط التي يمكن النظر فيها .
هناك العديد من التوترات الإقليمية والدولية، مثل النزاعات في الشرق الأوسط، والتوترات بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين. هذه التوترات يمكن أن تؤدي إلى صراعات واسعة النطاق إذا لم يتم التعامل معها بحذر.
وايضاً الصراعات الإقليمية والنزاعات في مناطق مثل أوكرانيا، الشرق الأوسط، وشبه الجزيرة الكورية يمكن أن تتصاعد وتؤثر على الاستقرار العالمي.
إن وجود الأسلحة النووية في عدة دول يزيد من خطر التصعيد. بعض
الدول تمتلك قدرات تدميرية هائلة، مما يجعل الحرب الشاملة خياراً مكلفاً للغاية.
في عصر العولمة، الدول مرتبطة ببعضها البعض اقتصادياً بشكل كبير، مما يجعل الحرب الشاملة أأقل احتمالًا، حيث أن النزاعات قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية سلبية على الجميع.
هناك أيضاً جهود قوى دبلوماسية مستمرة لحل النزاعات ومنع التصعيد و منظمات دولية مثل الأمم المتحدة التي تلعب دوراً في محاولة الحفاظ على السلام.
بينما هناك توترات ومخاطر قائمة، فإن هناك أيضاً آليات للحد من الصراع والتوتر. لذلك، من الصعب تحديد ما إذا كنا على أعتاب حرب عالمية ثالثة، ولكن من المهم متابعة الأحداث الجارية بعناية وفهم الدينامكيات المعقدة التي تؤثر على العلاقات الدولية.
وكلنا أمل أن يعم عالمنا السلام