مقالات منوعة

عاد الحلم

عاد الحلم

قصة قصيرة

 

***( عاد الحلم )***

خرج باكراً من منزلة، قاصداً متنزهاً قريب، لينظم لثلة من العجايز، يمارسون تمارين رياضية، وهو مازال في الخمسين من العمر، جسدٌ رياضي وهمةٌ عالية لا يعاني مشكلات مرضية، كأنّه مازال في ريعان شبه، وهو يعاني الوحة بعد ما انفصل عن زوجته، وفي طرف الدائرة هناك جسدٌ ممشوق ووجها طفولي الملامح، يجم عن إمرأة ثلاثنية، نظرت طويلاً إليه، لم يأبه لذلك

تابع تمارينه، دون أن يهتم بنظارتها ، لكي لا يلفت الانظار عليه، ويتكلم الناس عنه، لبس أشيائه التى رماها قبل بدء الدرس، وهم بالمغادرة، جاءت إلية من زاوية بعيد عن أنظار الجميع، حيّته ، وقالت كنت أتوقع مجيؤك إلى هنا منذ امد طويل، أخذته الدهشة والإستغراب من قولها، قال لها تفضلي أنستي، ردت عليه بل كنت مدام أستاذي العزيز، وزادت الدهشة أكثر فأكثر،

— كنت متوقعه مجيؤك؟

— استاذي العزيز؟

— كنت مداماً استاذي؟

كلّ هذي الأشياء وانا بعيدّ عن موطني آلاف الأميال وفي بلد جئته هرباً من مجريات الحرب في حالة نزوح.

هذي الأفكار كادت تأخذني لعوالم بعيدة بعد الذات،

أدخلني شبة دوامة لولا بادرتني بإشارة منها وناولتني ورقة صفراء عاف عليها الزمن،

مكتوب عليها بيت من الشعر:

قطر الندى شيماء تيماء الهوى

عنوان درب الحبَّ أحلام الندى

موقعه بأحمد

هذا خط يدي لأني أجيد كتابه جميع الخطوط ومؤرخ منذ ثلاثين عاماً،

ضرب خلاط الأفكار، يدور بسرعة البرق

يزيد ضربات القلب أكثر وأكثر وما يحرجني نظراتها الأكثر جرأة تكاد تعانقني، فقدت الهمة في النهوض لم تسعفني قواي، حسبت من تعب التمارين كوني في اليوم الاول، ولكن أثارت الجلوس ريثما تمشي وتغادر، فقدت السؤال والجواب بآن واحد، ساد الصمت

ودام لحظات ودماغي يردد قطر الندى قطر الندى، وأنا الذي أملك ذاكرة لا تنسى شيء.

قلت: في نفسي هل كبرت هل خرفت .. هل… هل؟

إلا بصوت ملائكي استاذي أنا قطر الندى تلميذتك المتفوقه في الصف السادس،

في مدرسة حطين الابتدائية.

عادت بي لأول عام أقوم به في التدريس بالوكالة في تلك المدرسة التي لم أكمل التدريس فيها عامي الدراسي من كثرة شكاوي المدير العجوز الخرف، وغيرته اللامتناهية، بكوني معلم شاب في العشرين من العمر والصف جميعة من الفتيات في أول بوادر الانوثة، جميلات يحببنني جمعهنّ حبّاً طفوليّاً، باستثناء تلك الطفلة الجميلة الطويلة قطر الندى، جاءتني تعمل ورقة يوماً لأكتب لها بيت من الشعر بإسمها، علماً أنني منذ ذلك الحين أكتب الشعر الغزلي واشارك على المنابر وفي المناسبات والاحتفالات،

وهي تحدق بي أكثر فأكثر، فتقول: استاذي مازلت شاباً و تزداد وسامة،

استاذي أنا قطر الندى طبيبة نسائية ومدرسة جامعية اعيش وحيدة بعد انفصالي من زواجي الذي فرض عليَّ من ابن عمي، الذي لا يفقه شيء إلا التنضد في المجالس ، واللهو في مطاردة النساء

حمداًلله لم أنجب منه، ونزلت دمعة على خدّها.

ومن ذلك الوقت كنت انتظر قدومك، وكأنني أعلم علم اليقين أنك ستأتي يوماً، لأنني أحببك حبّاً جما، وعلمت من حينها، أن تم فصلك من المدرسة بسببي

لأني ابحت مرة لإحدى زميلاتي فأوشت بي للمدير ولأهلي.

أنا قطر الندى التي لم تنسك؟!

بقلمي: أحمد خليف الحسين – حـــلـــب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى