مقالات منوعة

أهمية عناصر الدعوة إلى الله

أهمية عناصر الدعوة إلى الله

 

–أهمية عناصر الدعوة إلى الله—

إعداد د٠حسن صالح الرجا الغنانيم

**********

في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية المتسارعة الهائلة، والمعرفة المثبوتة ، يمكننا في هذا المقال المختصر أن نوضح للقارىء الكريم بأن هناك ثلاثة عناصر رئيسية يجب أن نراعيها لكي تؤتي دعوتنا ثمارها وهي :–

٠١ الحكمة٠

٠٢ الموعظة الحسنة٠

٠٣ الجدال المتزن٠

وهذه العناصر هي أحسن ضمان لدعوة ناجحة ٠

حيث نستطيع بالحكمة أن نوجه المسلمين الغافلين، بإسلوب ودي ونصح هادىء لاتشهير فيه ولا إساءة لأحد ،إقتداء بالمثل والقدوة الحسنة للبشرية جمعاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ٠

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبه المخطىء دون أن يسميه ، ولا يزيد على قول:– (مابال قوم يفعلون كذا وكذا) ٠

وهذا الأسلوب الحكيم هو الذي يجذب الإنسان إلى محور الدعوة ، ويزيد من نشر الإسلام ٠

لقد أمر الله عز وجل المؤمنين أن يدعوا إلى الله تعالى ليكونوا من المفلحين في قوله تعالى:– {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]٠

قال ابن كثير رحمه الله :–“وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ فرْقَة مِنَ الأمَّة مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ”٠

وذكر كيفية الدعوة في قوله تعالى:– {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

وقال ابن القيِّم رحمه الله :– “أَطْلَقَ الْحِكْمَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِوَصْفِ الْحَسَنَةِ؛ إِذْ كُلُّهَا حَسَنَةٌ، وَوَصْفُ الْحُسْنِ لَهَا ذَاتِيٌّ، وَأَمَّا الْمَوْعِظَةُ، فَقَيَّدَهَا بِوَصْفِ الْإِحْسَانِ؛ إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَوْعِظَةٍ حَسَنَةً، وَكَذَلِكَ الْجَدَلُ، قَدْ يَكُونُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ”٠

والدعوة تحتاج إلى البصيرة؛ كما قال تعالى:–{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108].

وقال ابن كثير رحمه الله :– “قول الله تعالى لعبده وَرَسُولِهِ إِلَى الثَّقَلَيْنِ: الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، آمِرًا لَهُ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ:– أَنَّ هَذِهِ سَبِيلُهُ؛ أَيْ: طَرِيقُهُ وَمَسْلَكُهُ وَسُنَّتُهُ، وَهِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَدْعُو إِلَى اللَّهِ بِهَا عَلَى بَصِيرة مِنْ ذَلِكَ، وَيَقِينٍ وَبُرْهَانٍ، هُوَ وَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَهُ، يَدْعُو إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بَصِيرَةٍ وَيَقِينٍ وَبُرْهَانٍ شَرْعِيٍّ وَعَقْلِيٍّ”٠

وقد فصَّل الله تعالى في خطابه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وحديثه عنه صفاتِ الداعية وأخلاقَه وطرق الدعوة٠

ونجد في آيات كثيرة من القرآن الكريم يرشد فيها الله سبحانه وتعالى الدعاة إلى الأخلاق الفاضلة والطريقة الصحيحة للدعوة من خلال الحديث عن أخلاق النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ليتأسَّى الداعية بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فيكون هيِّنًا ليِّنًا شَفوقًا في نُصح المدعوِّين باشًّا دائم التبسُّم، فيمتثل قول الله تعالى لنبيِّه الكريم :– {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، وليُظهر الرحمة والحرص على هداية المدعوِّين؛ قال تعالى:– {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

وقد وجَّه الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم عندما اهتمَّ بدعوة كفَّار قريش من سادتها المستكبرين الْمُعرِضين وأقبل عليهم، وتلهَّى عن ابن أم مكتوم الأعمى الذي أقبل عليه؛ قال تعالى:– {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} [عبس: 1 – 10].

وقد بشَّر الله تعالى النبيَّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بنصر الإسلام، وأن المستقبل لهذا الدين، وأن النصر قريب مهما اشتدَّت الخطوب، ومهما حاول أعداء الدين أن يُطفئوا نور الله – عز وجل – فإنهم لن يصلوا إلى تلك الغاية؛ كما أخبر الله تعالى:– {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].

وليس معنى هذا أن يرى كل مؤمن النصر في الدنيا؛ فقد ذكر الله تعالى كثيرًا في القرآن الكريم تحديد مَهمَّة النبي صلى الله عليه وسلم (البلاغ) دون انتظار النتائج؛ قال تعالى:– {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 40]، وقال تعالى:–{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [غافر: 77].

وبهذه العناصر الرئيسية يستطيع الإسلام أن يثبت وجوده في المجال العالمي كله٠

إن الدين الإسلامي الحنيف هو الدين الذي يمتلك مقومات الأبتعاث من جديد بعد كل كبوة٠

وإن العالم اليوم في أمس الحاجة إلى الطمأنينة الروحية التي يبحث عنها منذ عقود، خاصة بعد أن أبعدته المادة عن إنسانيته، وأضله الطمع والأنانية والجشع والغش ولا يهمه لا حلالا ولا حراما ٠

ولن يجد العالم إنسانيته المفقودة إلا بالإسلام ٠

وصدق الله العظيم إذ يقول:– ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾

[ الفتح: 28]

*****************

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى