مقالات منوعة

المحبة وابنها

المحبة وابنها

” المحبة وابنها “

كانت المحبةُ تسيرُ ليلاً تدندنُ بلحنٍ عذبٍ فحانت منها إلتفاتةٌ إلى السماء في ليلةٍ مقمرةٍ فَفُتِنت بجمالها وسحرها فعشقتها وبادلتها السماءُ الهيامَ .

وكان ثمرةُ هذا الهيامُ بناتٌ وأبناءٌ كثيرون رائعون من بينهم صبيٌ صغيرٌ أعمى يحبُ الصيدَ كثيراً يحملُ قوسَه بيده وسهامه في جعبته يتجولُ صباحاً مطلقاً سهامَه عشوائياً فيصيبُ بها كلَ من يقعُ بطريقه .

حتى كَثُرَ المصابون وأصبحوا يعانون الأمرين فاجتمعوا فيما بينهم وقرروا أن يشكوا أمره لأمه .

سمعت الأمُ شكوى الجميعِ بإنتباهٍ شديدٍ ووعدتهم خيراً ، في المساءِ جلست الأمُ مع ابنها بعدَ عودته من جولته وربَّتت على كتفيه وقبَّلته وهمست بإذنه بصوتٍ ساحرٍ :

أَبُني لماذا تفعلُ ذلك ؟!.. دعْ الجميعَ يختارون مصيرهم بأنفسهم كُفْ عن اللهوِ والعبثِ بحياتهم .. أَلم تر كم يعانون من جراء ذلك ..

قهقه الصغيرُ وأجابَ : أَيا أمي هم يعانون في كلتا الحالتين سأسحبُ سهامي من قلوبهم وسأدعهم فترةً وسترين بنفسك كيف يكون حالهم !!.

مرت فترةٌ من الزمنٍ وأحوالُ الناسِ

كئيبةٌ حزينةٌ باردةٌ لا دفءَ فيها ولا جمالَ تكادُ تضيقُ أجسادُهم عن حملِ أرواحهم فزادت حالتُهم سوءً عما كانت عليه .

فلجأوا مرةً أخرى للأمِ علَّها تجدُ الدواءَ الشافي لهم .

استقبلتهم الأمُ بحنانها المألوف

وأردفت بقولها :

أَأحبتي إذا كنتم ستتذوقون العسلَ عليكم أن تتحملوا لسعَ النحلِ ولكي تتمتعوا بعطر الورودِ وجمالها عليكم أن تتحملوا أشواكها لا خيارَ آخرَ أمامكم فابتسم الناسُ وهللوا

ونادوا بصوتٍ واحدٍ .. فلتكنْ مشيئةُ الحبِ .

ومن يومها وهذا الصغيرُ الشقيُ ما يزال يتجولُ في كل اتجاهٍ يوزعُ سهامه الطائشةَ شمالاً ويميناً والناسُ سعداءَ ويسعون وراءه يهللون له ، مرةً مبتسمين لا تسعهم أرضٌ ولا سماءٌ ومرةً حزانى يشكون حالهم لحالهم ماسرُ هذا الحب ؟!!.. تصعبُ الحياةُ والعيشُ معه أحياناً .. ولكننا لا نطيقُ فراقه ويغنون بنشوةٍ .

مابالُ نارِ الهوى

تلسعنا بلهيبها

فنبيتُ الليلَ .. سهارى حيارى

على أحرِ من الجمرِ

لكن ساعةً بوصلِ الحبيبٍ

تُطفىء نارَها .. فنعيشُ

بقربه بجنةِ الخُّلدِ …

وهكذا يمضون حياتهم يخوضون غماره ما بين مد وجزر .

    **************

بقلمي فاطمة حرفوش سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى