الإبتكار بالنسبة للشركات الصينية: السبيل الوحيد لضخ زخم قوي في بناء نظام صناعي حديث
قال أحد المسؤولين في ورشة تصنيع السيارات الكهربائية من طراز “دونغ فنغ لانتو” والتي تعرف أيضا في العالم باسم”Dongfeng VOYAH” والتي مقرها في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي بأن المشتري ما عليه سوى تقديم طلب الشراء عبر التطبيق الذي يُحمّله على هاتفه الجوال وفي غضون عشرة أيام ستصله سيارته التي اختارها، لأن عملية إنتاج هذا النوع من السيارات تتم وفقا للطلبات المسبقة للمشترين وبالتالي هناك توفير للمال والمساحة لأنه لا داعي لوجود مخازن للتخزين. يقوم المستخدمون بتقديم الطلبات على هواتفهم المحمولة، وفي نفس الوقت يمكنهم اختيار الألوان ومختلف الأجهزة الأخرى المرافقة للسيارة عبر الهاتف المحمول، أي أنه لا يتعين على الشخص قبول نفس المنتجات، وإنما يمكنه اختيار مركبات الطاقة الجديدة المتطورة وفقا لرغباته.
على خط الإنتاج، يتم خلط الألوان الأسود والأزرق والأبيض والألوان الأخرى، ونماذج مختلفة مثل سيارات MPV وسيارات الدفع الرباعي وغيرها من الموديلات المتداخلة الأخرى، ويتم تلبية الاحتياجات الفردية للمشترين وفقا للرغبة الشخصية، مما يشكل نموذج ابتكار جديد يركز على رغبة المشتري. وهذا ما يعكس قوة الابتكار لشركات صناعة السيارات التقليدية للتحول السريع إلى مسار صناعة السيارات العاملة بالطاقات المتجددة. وفي رصيد شركة دونغ فنغ أكثر من 2400 براءة اختراع، ويمثل الموظفون في مجال البحث والتطوير ما نسبته 36.5٪ من مجموع الموظفين في الشركة، وهذا ما يدل على المساعي الحثيثة التي تسعى إليها الشركة في الارتقاء بمنتجاتها وتطويرها للتغلب على المنافسة الشرسة في سوق هذه الصناعة الواعدة.
تعتمد حيوية الابتكار للمؤسسات الصناعية على تشييد بيئة الابتكار، الأمر الذي يتطلب زراعة تربة الابتكار وتحسين الخدمات العامة. وتحقيقا لهذه الغاية، اتخذت مختلف المناطق في الصين تدابير متعددة لتحفيز حيوية الابتكار للمؤسسات. على سبيل المثال، يحتاج الابتكار التكنولوجي للمؤسسات إلى دعم بنية تحتية جديدة أقوى، فمنطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في ووهان مثلا تدعم اختبار المركبات الذكية المتصلة بشبكة الانترنت على جميع الطرقات، وتحقق بذلك الترابط بين شبكة اتصالات الجيل الخامس وشبكة الفضاء الرقمية وشبكة الطرق الذكية، ما يخلق بيئة جيدة للابتكار وتطوير شركات المركبات العاملية بالطاقات المتجددة. على سبيل المثال، تتميز أدوات تحويل الإنجازات العلمية والتكنولوجية بخصائص عالية المخاطر والتكلفة العالية، لذلك كان معهد الابتكار التكنولوجي المستقبلي بجامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا رائدا في ابتكار “منصة الخدمة التجريبية” لمساعدة موظفي البحث والتطوير على فتح مسار بين المختبرات وورشات التصنيع. إن تزويد المؤسسات بالموارد المناسبة ومساحات كافية للقيام بالتجارب والتثبت من الأخطاء أثناء عملية الابتكار يمكن أن يساعد المؤسسات بشكل كبير لحثها على الابتكار إلى أقصى الحدود.
مثلما يمكن للتربة الجيدة أن تُنبت أزهارا جميلة، فإنه بإمكان الشركات أيضا القيام بمحاولات ابتكار متعددة في مختلف المجالات، طالما وُجدت بيئة نمو الجيدة. في ووهان ، تلتزم شركة بيتلاند للحواسيب بإنشاء نظام سلسلة توريد كامل يمكن التحكم فيه، وقد تم تحسين معدل استقلالية الأجهزة باستمرار. أما شركة زي تي إي نيو ماتيريالز فقد استثمرت بشكل مكثف في مجال فواصل بطاريات إيون الليثيوم، وأصبحت “عملاقا صغيرا” متخصصا وجديدا في هذا القطاع، كما تستخدم المصادقة الرقمية شريحة تشفير على وحدة المعالجة المركزية والتي يمكن تشفيرها وفك تشفيرها باستخدام الخوادم الحالية. إن الشركات هي الخلايا الأكثر نشاطا في اقتصاد السوق، والمؤسسة هي محرك ابتكار. لذلك عندما يمكن للمؤسسات في مختلف الصناعات أن تبتكر تلقائيا، فإنه بإمكانها أن تتقارب مع إمكانيات الإبتكار في النظام الاقتصادي بأكمله.
تعمل الجولة الجديدة من الثورة التكنولوجية والتحول الصناعي على تسريع التنمية المتطورة الذكية والخضراء والتي تشكل المعاني الضرورية للتصنيع الجديد، فضلا عن كونها اتجاها مهما للتحول الصناعي والارتقاء به. وفي هذا الصدد، أصبحت مراكز التخزين التابعة لشركات مثل مجموعة جيوتشو تونغ الصيدلانية وليانغ بينبوتسي “شركة BESTORE” تعمل كلها بالذكاء الاصطناعي. إذ أنه باستخدام بطاقة معرف رمز الاستجابة السريعة، يتم تصنيف آلاف البضائع في المستودع غير المأهول تلقائيا وفرزها وتعميمها وشحنها خارج المستودع. لقد صارت الرقمنة تعمل على تمكين التصنيع الجديد الذي هو بدوره يضخ زخما قويا في بناء نظام صناعي حديث.
إذا كان الابتكار الجزئي يستوجب الحيوية فإن التنمية الكلية تستوجب حشد الطاقات. يستمر الاقتصاد الصيني في الوقت الحالي وبشكل عام في التعافي والتحسن، ويتم تعزيز التنمية عالية الجودة بقوة، ووراء كل هذا الشركات الملتزمة بالابتكار في مجالات تخصصها وخطوط الإنتاج الذكية التي تجمع بين التخصيص والحجم، والعمال العاديين الذين لديهم طموح للأفضل والذين يعملون بجد من أجل حياة أفضل. أثناء المقابلات الصحفية التي تم إجراؤها مع مختلف المسؤولين في الشركات، فإنه بالإضافة إلى تلك الابتكارات المشرقة، فإن أكثر ما يجلب الانتباه هي تلك العيون التي تؤمن بالمستقبل. وكما تتراكم الأحجار لتصنع الجبال وقطرات المياه لتنشئ البحار، فإن الحيوية المتزايدة لعدد لا يحصى من الكيانات الصغيرة سوف يتم فرضها في نهاية المطاف إلى قوة مهيبة لتنمية الاقتصاد الكلي. وهذا أساس متين للثقة الكاملة في الاقتصاد الصيني.