الدكتور محمد العبادي
البراغماتية والبراغماتيون
البراغماتية والبراغماتيون هما مفهومان تدور حول دراسة اللغة وتفسيرها والتركيز على التواصل اللغوي والمعنى الإشاري. تأسست البراغماتية كمدرسة لغوية في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، وهي نهج تحليلي يعتبر اللغة وسيلة للتواصل والتفاعل بين الناس. يعتبر البراغماتيون أن المعنى ليس موجودًا في الكلمات ذاتها، بل يتم بناءه وفهمه من خلال سياق الكلام والعوامل الاجتماعية والثقافية المحيطة.
وتعتمد البراغماتية على مفهوم الأداء اللغوي والتفاعل اللغوي، حيث يعتبرون أن اللغة تستخدم لأغراض تواصلية وتتأثر بالعوامل الاجتماعية والثقافية. يعتبر البراغماتيون أن اللغة تستخدم لتحقيق أغراض معينة في الحوار والتفاعل، وتهتم بدراسة الأدوار والسياقات الاجتماعية التي تؤثر في استخدام اللغة وتفسيرها.
وتركز البراغماتية على العديد من المفاهيم والمبادئ المهمة، بما في ذلك:
1. العملية الاتصالية: يعتبر البراغماتيون اللغة وسيلة للتواصل والتفاعل بين الأفراد. يهتمون بدراسة كيفية استخدام اللغة في الحوار وكيفية تحقيق الأغراض المعينة من خلالها.
2. العوامل الاجتماعية والثقافية: يعتبر البراغماتيون أن اللغة تتأثر بالعوامل الاجتماعية والثقافية المحيطة. يدرسون كيفية تأثير العوامل الاجتماعية مثل الجنس والعمر والطبقة الاجتماعية والثقافة على استخدام اللغة وفهمها.
3. العمل البيئي: يعتقد البراغماتيون أن اللغة تتأثر وتتطور في سياقها الاجتماعي والبيئي. يهتمون بدراسة كيفية تأثير العوامل البيئية مثل المكان والزمان والتواجد الاجتماعي في استخدام اللغة.
4. العمل المشارك: يعتبر البراغماتيون أن الحوار والتفاعل اللغوي هما جزء أساسي من العملية اللغوية. يركزون على دراسة تراكب الأدوار والمواقف في الحوار وكيفية استخدام اللغة للتعبيرعن العلاقات الاجتماعية والتفاعل بين المتحدثين.
وتشتمل البراغماتية على العديد من المفاهيم والنماذج الرئيسية، مثل نموذج تحليل الأدوار ونموذج التحيز الثقافي. يعتبر نموذج تحليل الأدوار أن الحوار يتكون من سلسلة من الأدوار المتبادلة بين المتحدثين، مثل الأدوار الرئيسية للمتكلم والمستمع والمتكلم الثالث. يركز هذا النموذج على تحليل وتفسير الأدوار والعلاقات بين المتحدثين في سياق الحوار.
أما نموذج التحيز الثقافي، فيعتبر أن اللغة تتأثر بالتحيزات الثقافية والاجتماعية للمتحدثين. فكل شخص يحمل تحيزاته الثقافية واللغوية الخاصة، وهذه التحيزات تؤثر في استخدامه للغة وفهمه لمعانيها. يهتم هذا النموذج بدراسة التحيزات والتفاعلات اللغوية التي تنشأ عندما يتفاعل أفراد من ثقافات مختلفة.
ويُعتبر البراغماتيون مُتقدمين في فهم اللغة كنظام اجتماعي، حيث يعتبرون اللغة جزءًا من الثقافة والتفاعلات الاجتماعية. يشددون على أهمية دراسة اللغة في سياقها الاجتماعي والثقافي، وكيفية تأثير العوامل المحيطة في استخدام اللغة وتفسيرها.
على الرغم من أن البراغماتية لها منتقدين ومتحفظين، إلا أنها تقدم نهجًا مهمًا ومثيرًا لدراسة اللغة والتواصل الإنساني. فهي تعزز الوعي بأن اللغة ليست مجرد مجموعة من الكلمات والقواعد النحوية، بل هي أداة حية تستخدم للتواصل والتفاعل بين الأفراد في سياقات متعددة.