لجنة التحقيق الدولية: نظام الأسد خلق في معتقلاته “شبكة عذاب” تشكل جرائم ضد الإنسانية
لجنة تحقيق دولية لجرائم الأسد
لجنة التحقيق الدولية: نظام الأسد خلق في معتقلاته “شبكة عذاب” تشكل جرائم ضد الإنسانية
قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة إن استخدام الحكومة السورية السابقة للاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري بشكل منهجي لقمع المعارضة “يشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ويمثل بعضا من أسوأ الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي التي ارتكبت خلال النزاع”.
جاء ذلك في تقرير اللجنة الذي صدر اليوم الاثنين بعنوان “شبكة عذاب: الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية” – والذي يستند إلى أكثر من ألفي إفادة من الشهود، بما في ذلك أكثر من 550 مقابلة مع ناجين من التعذيب.
ويكشف التقرير عن تفاصيل مروعة حول أنماط التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية التي مارستها قوات الدولة السابقة على الرجال والنساء والأطفال المحتجزين، بما في ذلك “الضرب المبرح والصعق بالكهرباء والحرق وقلع الأظافر وإتلاف الأسنان والاغتصاب والعنف الجنسي بما في ذلك التشويه وفرض أوضاع منهكة لفترات طويلة والإهمال المتعمد والحرمان من الرعاية الطبية وتفاقم الجروح والتعذيب النفسي”.
ويأتي التقرير بعد ما زارت اللجنة المقابر الجماعية ومراكز الاحتجاز السابقة التابعة للدولة في منطقة دمشق – بما في ذلك سجن صيدنايا العسكري، وفرع المخابرات العسكرية 235 (فلسطين) وفرعا المخابرات الجوية في المزة وحرستا – بعد سنين من منعها من الوصول من قبل السلطات السورية السابقة.
وأكدت اللجنة أن ما رأته هناك يتطابق مع الأوصاف التي قدمها مئات الناجين والمنشقين إلى اللجنة على مدار الأربعة عشر عاما الماضية، مؤكدة أن زنزانات العزل الصغيرة التي لا نوافذ لها في الطوابق السفلية “لا تزال مليئة بالروائح الكريهة وتكشف عن معاناة لا يمكن تصورها حينما بدأت اللجنة تحقيقاتها الأولى في المواقع”.
وقالت اللجنة إن الإطاحة بالحكومة السابقة وإطلاق سراح السجناء من غرف التعذيب التابعة لها هو أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل شهرين فقط. وفي هذا السياق، قال رئيس اللجنة باولو بينهيرو: “إننا نقف عند منعطف حاسم. ويمكن للحكومة الانتقالية والسلطات السورية المستقبلية أن تضمن الآن عدم تكرار هذه الجرائم أبدا. ونأمل أن تساعد النتائج التي توصلنا إليها بعد ما يقرب من 14 عاما من التحقيقات في إنهاء الإفلات من العقاب لهذه الأنماط من الانتهاكات”.
لكن اللجنة شددت على أن معاناة عشرات الآلاف من العائلات التي لم تعثر على أقاربها المفقودين بين السجناء المفرج عنهم لا تزال مستمرة، مؤكدة أن اكتشاف مقابر جماعية إضافية قد دفع العديد من العائلات إلى استنتاج الأسوأ. وسلطت الضوء في تقريرها على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الأدلة والمحفوظات ومواقع الجرائم، بما في ذلك المقابر الجماعية، إلى أن يتمكن الخبراء من الكشف عليها وإجراء عمليات استخراج الرفات للقيام بفحوصات الطب الشرعي عند الحاجة.
وقالت عضوة اللجنة لين ولشمان: “بالنسبة للسوريين الذين لم يعثروا على أحبائهم بين المفرج عنهم، قد تكون هذه الأدلة، إلى جانب شهادات المعتقلين المفرج عنهم، الأمل المنشود لكشف الحقيقة حول أقاربهم المفقودين. إننا نثني على السلطات الجديدة لالتزامها بحماية المقابر الجماعية والأدلة، ونشجع على بذل المزيد من الجهود، بدعم من المجتمع المدني السوري والجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة”.
وقالت اللجنة إنها تخطط لإجراء تحقيقات معمقة في الأشهر المقبلة بعد أن سمحت لها حكومة تصريف الأعمال الجديدة بالوصول إلى البلاد لأول مرة منذ 2011، “وبعد أن أتيحت لها إمكانية الوصول غير المسبوق إلى المواقع والناجين الذين لم يعودوا يخشون الانتقام بسبب تقديم شهاداتهم”.
من جانبه، قال عضو اللجنة هاني مجلي إنه يأمل أن يرى “مبادرات عدالة وطنية ذات مصداقية يمكن أن يلعب فيها الناجون والعائلات دورا محوريا”، مؤكدا استعداد اللجنة للمساعدة إلى جانب جمعيات حقوق الإنسان والأسر السورية والشركاء الأمميين.
الأمم المتحدة – حقوق الإنسان