التنوع الثقافي ودوره في إثراء الفكر والتنمية
التنوع الثقافي ودوره في إثراء الفكر والتنمية
((التنوع الثقافي ودوره في إثراء الفكر والتنمية ))
إعداد د٠حسن صالح الرجا الغنانيم
———————————
–نتحدث إليكم اليوم أيها الاخوة والأخوات وعبر منبر هذا الصرح العلمي الراقي وفي هذا المقال الجديد بعنوان ” التنوع الثقافي ودوره في إثراء الفكر والتنمية” وهو من أحد الموضوعات الهامة التي تهم الكثير من الشعوب والأشخاص في العالم ، حيث قمت بجمع الكثير من المعلومات والبيانات التي تساعد في فهم وأهمية الموضوع بشكل أعمق وأفضل ، واتمنى الفائدة للجميع إن شاء الله٠
*******
قال تعالى:–((يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ)) سورة الحجرات آية (13)٠
–لقد وردت في القرآن الكريم نصوص متعددة تؤكد التنوع وتدعو إلى قيمه وتؤصلها، ومن ذلك قوله تعالى:– (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)(الروم 22)٠
وقوله عز وجل:– (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)سورة هود آية 118 و119 ٠
وقوله تعالى:– (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(النحل 125).
إن الإسلام ينكر نزعة المركزية المغرضة التي تريد العالم نمطا واحدا والإنسانية قالبا واحدا، منكرة على الآخرين حق التمايز والاختلاف ، حيث يقول سبحانه وتعالى:–(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)(المائدة 48)٠
فهو سبحانه قد خلق البشر للتنوع والاختلاف ولكن لن يتحقق المراد من هذا التنوع إلا إذا كان هنالك حوار يرسخ قيم التوافق والتعاون والتعايش بين أتباع الحضارات والثقافات المختلفة٠
*****
لقد تميزت الحضارة والثقافة الإسلامية بتركيزها على اعتبار ان طلب العلم فريضة على كل مسلم، وأن الحكمة هي ضالة المؤمن، مما ساهم في إغناء التراث الإنساني في شتى حقول العلوم المتعددة والفنون والآداب وغيرها ٠
لقد حرصت الشعوب الإسلامية عبر التاريخ على إظهار رغبتها وتأكيد إرادتها في المشاركة في إغناء الرصيد الثقافي الإنساني على أساس من احترام حقوق الإنسان وصون المقومات المادية والمعنوية للكرامة الإنسانية واعتبار التنوع الثقافي والحق في الاختلاف مقومات أساسية من حقوق الإنسان كما شرعها الإسلام وحددتها القوانين الدولية.
*****
—مفهوم التنوع الثقافي:–
يعتبر التنوع الثقافي تعددية الثقافات والتعبيرات الثقافية في المجتمع. يتضمن ذلك العديد من العناصر مثل اللغة والعادات والتقاليد والمعتقدات والقيم التي تميز مجتمعًا معينًا. وتتفاوت هذه الثقافات من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى، مما يؤدي إلى تنوعًا كبيرًا في العالم٠
ونستطيع أن نقول بأن للتنوع الثقافي فوائد عديدة، منها تنمية روح الابتكار لدى أفراد المجتمع الواحد، من خلال تكوين أفكارٍ جديدة تنتمي إلى الثقافات المختلفة، بما يحقّق الحوار المثمر والمبتكر، بالإضافة إلى النهوض بالتنمية الاقتصادية، التي تتأتّى من خلال ازدهار التبادل الاقتصادي والتجاري، وهو ما يثبت أهمية التنوع الثقافي٠
*****
—يجمع مفهوم التنوع الثقافي بين الاعتراف بتعدد الثقافات والأفكار والتجارب الإنسانية، وبين وجود تجربة بشرية محددة لها أهلها وأفرادها الذين نشأوا وتربوا عليها، مع مراعاة ما تتمتّع به هذه التجربة من خصوصية في التشكّل والأثر. وبذلك فإنّ مفهوم التعدد الثقافي يحافظ على سمات كلّ مجتمع، مهما اختلفت تجارب أفراده وخبراتهم.
ويشكل التنوع الثقافي مصدر ثراء للدولة والمجتمع، حيث يخلق تلاقح الأفكار نوعاً من التميز، إلى جانب التنمية البشرية المطلوبة للتقدم والارتقاء بالإنسانيّة. وبما أنّ الثقافة هي ما يكوّن الفرد عاطفياً وفكرياً وروحياً، فإنّ التنوع الثقافي يساعد على تفعيل دور كلّ فردٍ في المجتمع، كما يؤكّد على وجود رؤيةٍ توجّه البوصلة للنّظر في تعامل الأفراد مع غيرهم، بما يقوّي خلق الأفكار البنّاءة، وبما يساعد على تأصيل ثقافة تقوم على مبدأ الاحترام والقبول والتّعاون.
وللتنوع الثقافي فوائد عديدة، منها تنمية روح الابتكار لدى أفراد المجتمع الواحد، من خلال تكوين أفكارٍ جديدة تنتمي إلى الثقافات المختلفة، بما يحقّق الحوار المثمر والمبتكر، بالإضافة إلى النهوض بالتنمية الاقتصادية، التي تتأتّى من خلال ازدهار التبادل الاقتصادي والتجاري، وهو ما يثبت أهمية التنوّع الثقافي وضرورته٠
*****
ويمكن القول إن العالم قد تحول إلى قرية صغيرة، خاصةً مع الحضور الواسع والجلي لمفهوم التنوع الثقافي، فهو اعتراف بالمشاركة الإنسانية في مسيرة الحضارة الحديثة، التي تحث الجميع على التعبير عن مكنونات ثقافاتهم وهويّاتهم، ليكون حضورهم بذلك بدايةَ الانطلاق نحو العالمية بكل فخر وسرور وتآخٍي٠
*****
وفي عالمنا اليوم، تشهد المجتمعات تزايدا مستمرا في التنوع الثقافي. وتعتبر هذه التنوعات الثقافية فرصة قيمة للتعلم والتفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة. يلعب المجتمع دورًا حيويًا في تعزيز التنوع والتسامح بين الأفراد، وفي هذه المشاركات سنوضح أهمية التنوع الثقافي في المجتمع وكيفية التعامل معه بشكل فعال.
*****
–تعد الأنشطة والفعاليات الثقافية المشتركة وسيلة لتحقيق الاتصال والتفاعل بين الثقافات المختلفة وتطوير التفاعل الحضاري، حيث تساهم في التقريب بين الشعوب وتحقيق السلام العالمي. ولذلك، تتمثل الأنشطة والفعاليات الثقافية المشتركة في تفضيلات متنوعة تجمع بين السياحة الثقافية والتبادل الثقافي، مثل الرحلات الثقافية والفعاليات الرياضية والحفلات الموسيقية ومهرجانات الأعياد والتظاهرات الفنية والتقليدية سبيلاً لتحقيق هذه الغاية في تحسين الاتصاف.
وعندما تتم مثل هذه الفعاليات بطريقة صحيحة ويتم تنظيمها بشكل جيد، فإنها تساهم في توسيع اتساع المعرفة بالثقافات المختلفة وتُعزز الاحترام والتفاهم بينها. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر هذه الأنشطة والفعاليات فرصة جميلة للتعارف والتواصل بين شباب الدول المختلفة، وتقديم فرصة للتعلم المتبادل والتشارك في العمل الجماعي والتفاعل بين الشباب المختلف، مما يساهم في تحسين الفجوة بين الأجيال وتغذية حوار الأجيال المختلفة وتعزيز التعاون بينها. ومن بين الأنشطة الثقافية المثمرة في تحسين الاتصال والتفاعل بين الثقافات المختلفة هي الأنشطة التي تستمد أصولها من التراث والتقاليد الجماعية للمجتمع، بشكل عام، فإن تحسين الاتصال والتفاعل بين الثقافات المختلفة هو أمر حاسم، ويساهم في تعزيز الاحترام المتبادل وترسيخ مواطن التقاء الثقافات في جميع أنحاء العالم. ولذلك، يجب أن نركز على التنسيق بين الثقافات وتنظيم الأنشطة والفعاليات الثقافية المشتركة لتحقيق هذا الهدف النبيل.
ويمكن أيضاً تنظيم زيارات ثقافية، والتي يمكن أن تشمل زيارة المتاحف والمواقع الأثرية وغير ذلك، وهذا يوفر فرصة للأفراد للتعرف على ثقافات الآخرين. ونظرًا لأنّ التقنية أصبحت عنصرًا أساسيًا في حياتنا، يمكن استخدامها لتعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة، من خلال الاجتماعات عبر الإنترنت واستخدام وسائل الاتصال الرقميّة، وهذا يفتح آفاقًا جديدة لتحسين الاتصال والتفاعل بين الأشخاص من عدة ثقافات مختلفة. وينبغي الإشارة إلى أن الأنشطة الثقافية المشتركة والمنظمة بشكل صحيح وبطريقة فعّالة يمكن أن تساهم في تطوير الفرص الاجتماعية والاقتصادية، كما أنّها تعزز فهم الثقافات المختلفة، بالإضافة إلى تحسين الاتصال بين المجتمعات ذات الخلفيات الثقافية المختلفة٠
-هناك عدة نقاط يجب أخذها في الاعتبار ؛ للتعامل بشكل فعال مع التنوع الثقافي في المجتمع منها:—
٠١التفاهم والتسامح:–
يجب تعزيز التفاهم والتسامح بين الأفراد من خلفيات ثقافية مختلفة. ينبغي للأفراد أن يتبنوا المرونة والاحترام للتعامل مع وجهات النظر والمعتقدات المختلفة.
٠٢التثقيف والتوعية:–
تعد التثقيف والتوعية بالتنوع الثقافي أدوات فعالة لتعزيز التفاهم وتجنب التمييز والتحيز. يجب توفير المعلومات والفهم اللازمين حول الثقافات المختلفة والتحديات التي يواجهها أفراد هذه الثقافات.
٠٣التعاون والتفاعل:–
ينبغي تشجيع التعاون والتفاعل بين الأفراد من خلفيات ثقافية مختلفة. من خلال العمل المشترك والتواصل الفعال، يمكن للأفراد أن يتعلموا ويستفيدوا من بعضهم البعض.
-الحفاظ على التراث الثقافي والبيئي:—
يساهم التنوع الثقافي في الحفاظ على التراث الثقافي والبيئي. فكل ثقافة لديها تراث فريد من نوعه، سواء كان ذلك في الفنون أو التراث المعماري أو الممارسات التقليدية. وعندما يتم الاحتفاظ بهذا التراث وتعزيزه، يتم الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمعات وتعزيز الاستدامة الثقافية. وبالإضافة إلى ذلك، يتعلق التنمية المستدامة أيضًا بالحفاظ على البيئة. وعندما يُحترم التنوع الثقافي، يتم تحقيق التوازن بين استخدام الموارد الطبيعية والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
ونستطيع أن نقول بأن التنوع الثقافي يلعب دورًا حيويًا في تحقيق التنمية المستدامة٠
ويساهم أيضا في تعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي، وتعزيز الابتكار والتطور، وتعزيز المشاركة المجتمعية الشاملة، والحفاظ على التراث الثقافي والبيئي. لذا، يجب أن نعمل جميعًا على تعزيز التنوع الثقافي وتعزيز الاحترام المتبادل والتفاهم بين الثقافات المختلفة. بالقيام بذلك، سنتمكن من تحقيق التنمية المستدامة وإيجاد مستقبل أكثر استدامة وعدالة للأجيال الحالية والمستقبلية٠
******
وهكذا نصل إلى نهاية مقالنا هذا الذي ركزت فيه على استعراض أهمية التنوع التنوع الثقافي ودوره في إثراء الفكر والتنمية بشكل عام ، موضحا فيه جميع الجوانب المتعلقة بأهميته من منظور إسلامي وعالمي يخص كل شعوب العالم٠
والله ولي التوفيق ٠
*************