مقالات منوعة

الحسين

الحسين

الحسين

شعر أحمد بخيت

أسماؤنا الصحراءُ واسمكَ أخْضَرُ
أرِني جِرَاحكَ، كُلُّ جرحٍ بَيْدرُ

يا حِنطةَ الفُقَراءِ يا نبْعَ الرضا
يا صوتَنا والصمتُ ذئبٌ أحمرُ

يا ذِبْحَ هاجَرَ يا انتحابةَ مريمٍ
يا دمعَ فاطمةَ الذي يَتحَدّرُ

إيهٍ أبا الشُّهَداءِ وابنَ شهِيدِهمْ
وأخا الشهيدِ، كأنَّ يومَك أَعْصُرُ

بدَنٌ مِن الذِّكْرِ الحكيمِ أَديمُهُ
دِرعٌ على الدينِ القويمِ ومِغْفَرُ

عارٍ وتكسوهُ الدماءُ مَهابةً
لا غِمدَ يحْوي السيفَ ساعةَ يُشْهَرُ

الأنبياءُ المرسَلونَ إزاءَهُ
“والرُّوحُ والملأُ الملائِكُ” حُضَّرُ

ومحمدٌ يُرْخي عليهكَ رداءَهُ
ويقول: يا وَلَداه فزتَ وأُخْسِروا

يا أظمأَ الأنهارِ قَبْلكَ لَمْ تَكُنْ
تَرْوِي ظَمَا الدنيا وتظمأُ أنْهُرُ

لولا قضاءُ الله أنْ تَظْمَا له
لَسعى إليكَ مِن الجِنانِ الكوثرُ

يا عاريَ الأنوارِ مسلوبَ الرِّدا
بالنورِ لا بالثوبِ طُهْرُكَ يُسْتَرُ

يا داميَ الأوصالِ لا قَبْرٌ لهُ
أَفديكَ إنَّ الشمسَ ليستْ تُقْبَرُ

طُلَّابُ موتكَ يا ابنَ بِنْتِ محمدٍ
خرجوا مِن الصحراءِ ثُمَّ تَصَحَّروا

وكأنَّ خَيْلَ اللهِ لَمْ تَرْكُضْ بِهِمْ
والسامرينَ بمكةٍ لَمْ يَسْمُرُوا

وكأنَّ بَرقًا مَا أضاءَ ظلامهمْ
فمشَوا تجاهَ النورِ ثُمَّ استَدبَرُوا

وكأنَّما ارتدّوا على أعقابهمْ
فأبوكَ أنتَ وهُمْ جميعًا خَيْبرُ

كُلُّ القصائدِ فيكَ أُمٌّ ثاكلٌ
في حِجْرِها طفلُ النبوّةِ يُنحَرُ

عُريانةٌ حتّى الفؤادِ قصيدتي
والشِّعرُ بَيْنَ يديَّ أشعثُ أغبرُ

أَوَلَمْ يَشمُّوا فيكَ طِيبَ محمدٍ
كَذَبوا فطيبُ محمدٍ لا يُنكَرُ

قُلْ لي بمَنْ ذا يَعْدِلونكَ والذي
فَطَرَ الخلائقَ شَسْعُ نعلِكَ أَطْهَرُ

شتّانَ ما بَيْنَ الثريّا والثرى
بُعْدًا ويَختصِرُ المسافةَ خنجرُ

لولا قضاءُ اللهِ لارتدَّ الرّدى
عَنْ حُرِّ وجهِكَ باكيًا يَستغفِرُ

ولَرَدَّ ذُؤبانَ الفلاةِ ليوثُها
واحْتَزَّ حمزةُ في الرؤوسِ وجعفرُ

ولَذادَ عنكَ أخوكَ أشْجعُ مَنْ مَشى
إلا أبوكَ وجَدّكَ المدثرُ

ولكانَ أَوَّلَ مَنْ يَرُدُّ رؤوسَهمْ
للشامِ يَعْسوبُ الحقائقِ حَيْدرُ

واللهِ لو لَمَحوا اللواءَ بكَفهِ
لرَأوا وَطيسَ الحَربِ كَيْفَ يُسَعَّرُ

هو مَنْ علمتَ ويَعْلَمونَ بلاءَهُ
وهْو الفتى النبويُّ لا يَتغيَّرُ

تمشي الملاحمُ تحتَ مَضْربِ سيفهِ
ووراء ضربتهِ يَلُوحُ المَحْشرُ

لو حاربَ الدنيا بِكُلِّ جيوشِها
تتقهقرُ الدنيا ولا يتقهقرُ

يأتي زمانٌ لا نجومَ ليَهتدوا
يأتي زمانٌ لا غيومَ لِيُمطَرُوا

يأتي زمانٌ ليس يَعْلَمُ تائهٌ
هل فيكَ أم في قاتليكَ سيُحشَرُ؟

يأتي زمانٌ والمودّةُ غُرْبةٌ
والكُرْهُ بلدتُنا التي نَستعْمِرُ

يأتي زمانٌ كُلُّ شيء ٍزائفٌ
حتى اللِّحى العمياءُ وهْي تُبَصِّرُ

يأتي زمانٌ وابنُ آدمَ خُبزُهُ
دِينٌ يَدينُ بهِ وفيه يُكفَّرُ

يأتي زمانٌ والكرامةُ سُبَّةٌ
والعارٌ فرعونُ الذي يَتجبَّرُ

يأتي زمانٌ والسقوطُ وجاهةٌ
والناسُ مرعًى والرُّعاةُ الشُّمَّرُ

يأتي زمانٌ كُلُّ شيءٍ ضدُّهُ
الليلُ يُشْمِسُ والظهيرةُ تُقْمِرُ

يأتي زمانٌ لا زمانَ لأهلهِ
إلا رجالُ اللهِ وهْي تُبشِّرُ

يأتي زمانٌ فالسلامُ على الذي
ذبَحوه في الصحراءِ وهْو يُكَبِّرُ

هذا ولائِي يا ابْنَ بِنْتِ محمدٍ
أنتَ الشهادةُ والشهيدُ الأكبرُ

يدُ أختِكَ الحَوراءِ مسَّتْ جبهتي
فدِمايَ تهليلٌ وصوتي المنبرُ

كَفِّي على جَمْرِ المودةِ قابضٌ
ودمي بحُبكمُ الطَّهورِ مُطهَّرُ

بايعتُ عَنْ نجباءِ مِصرَ جميعِهمْ
وأنا ابنُ وادي النيلِ واسْمي الأزهرُ

المصدر: موقع “موسوعة الشعر العربي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى