ثقافة وفنون

هل التصوف ضروري لحياة الإنسان

هل التصوف ضروري لحياة الإنسان

هل التصوف ضروري لحياة الإنسان؟!

 د. عبد العزيز يوسف آغا.

////////////////////////////////////////////////

 

من منا لايريد أن يهرب من مشاكله الحياتية الضغوطات المستمرة التي لاتفارقه ليل نهار؟

وخير ملجأ هو الله خالق كل شيء، فيذهب إليه ليبث نجواه وشكواه، وفي بعض الأحيان يبكي بين يديه.

وقد تنوعت طرق التقرب من الله ، كل حسب رؤيته وعقيدته وإيمانه.

ومن خلال المطالعة عثرت على كتاب يتحدث كاتبه عن أن الصوفية مطلوبة من كافة الأديان الابراهيمية متعللاً بالتالي:

”أن أوجه الاتفاق في التصوف الديني تفوق أوجه الاختلاف مما يوجب على أتباع هذا المذهب في الديانات السماوية إقامة حوارات روحية ، الهدف منها الحد من المادية الإلحادية.

وقد أصبح العالم اليوم في أمس الحاجة إلى إحياء التصوف في الأديان السماوية “اليهودية والمسيحية والإسلام” ضد السيطرة المادية والنزعات الأليمة التي تمزق المجتمع البشري في كل أنحاء العالم، وما نعيشه من تعنت وتشدد وصدامات وحشية بين أصحاب كل دين وملة، وذلك لكون قيمه وسلوكياته الروحية تنقي وترقى وتسمو بالأخلاق الإنسانية وتروي ظمأ الروح وتضيء الظلام النفسي ويجدد الخراب الوجداني، بعد أن أصبح الدين مجرد طقوس لا روح فيها ولا خضوع ولا نبض.

وهذا الكتاب : “التصوف في الأديان السماوية” للباحث عمرو يس، يستهدف التعريف بمفهوم التصوف في الأديان السماوية والأدوار التي مر بها، وأهم الأفكار والمعتقدات الصوفية في هذه الأديان، ومدى تأثرها بالثقافات السابقة وما هي مصادر هذه الأفكار ومن هم أبرز رجال التصوف الديني في العصر الحديث، وما هي أوجه الاتفاق والاختلاف بينها، وما هي أهمية التصوف في العصر الحديث.

 

يدخل هذا الكتاب ضمن الدراسات المقارنة بين اليهودية والمسيحية والإسلام، وبيان موقف الفلسفة الروحية في الأديان السماوية، والمقصود بالخطاب الصوفي هنا هو ما يقدمه التصوف من حجج وبراهين مقنعة تجذب المريد إلى الإلتزام بالسلوكيات والقيم الروحية الصوفية.

 

يرى يس أنه بعد أن كانت القيم الإنسانية هي صمام الأمان، والداعمة الثابتة لمسيرة البشرية، أصبحت في المجتمع المعولم شيئاً من الوهم، وأصبح الفرد بلا مرجعية أخلاقية؛ لا يتمسك إلا بما يرضي ذاته مما يسوق إليه من الداخل والخارج وإن كان مخالفا للقيم الأخلاقية والدينية، مما أدى إلى التطرف في الدين، والانحراف عن الخلق القويم، بعد أن أصبح الإنسان آلة تحت رحمة الإعلام التسويقي، الذي يعمل على تدمير القيم الخلقية والدينية الأساسية لدى الإنسان مما جعل من الواجب على كل دين أن يعمل على استعادة وإحياء القيم الروحية والأخلاقية فيها لإنقاذ البشرية من متاهة العولمة. ولما كان التصوف في الأديان السماوية يمثل الكمال الإنساني والإنسان الكامل الذي يقول عنه الكتاب المقدس “صورة الله” و”ربانيا” كما يقول القرآن الكريم، فإن التصوف الديني بإمكان أن يقدم بعض الحلول لمواجهة المشكلات المادية التي تعمل على هدم القيم الروحية ومن ذلك إقامة حوار روحي عالمي، وتفعيل مبدأ العدالة عالميا.

 

ويتابع أنه على التصوف في كل الأديان السماوية، وخصوصا في وقتنا الحاضر أن يلتزم بالعمل الجاد من أجل تفعيل مبدأ العدالة العالمية على كافة المستويات ليكون صمام أمان لحقوق وكرامة الإنسان العالمي، عاملا على تحقيق إنسانية هذا الإنسان المعاصر، أو بمعنى أدق ، العمل على تحقيق إنسانيته التي أصابها الشيء الكثير من الخلاق، والأوباء النفسية التي تلعب على أوتار الإنسانية، فالله العدل لا يرضى في أرضه إلا بالعدل ولا يحب الظلم ولا يرتضيه لخلقه، فتفعيل مبدأ العدالة العالمية أصبح بلا شك إحدى المتطلبات الأكثر إلحاحا وضرورة لإنسانيتنا المعاصرة. والتصوف الديني السماوي الحق قادر على إعادة إحياء المجتمع الإنساني من جديد بالعمل على بث التعاليم الروحية والسلوكيات العلمية فيه.

 

يؤكد يس أن الفسلفة الروحية كان لها أثر بالغ في تشكيل العقلية الفكرية في كل الديانات الوضعية، وقد ظهر هذا بوضوح في الفلسفات الدينية القومية “مصر ـ بابل ـ اليونان” والعالمية كالبوذية والفارسية كالزرادشتية، والهندية كالهندوكية، متمثلا في فكرة النزاع بين الخير والشر، والبحث عن الحياة الخالدة “النرفانا” أو مجاورة آلهة الخير كأزوريس، وممارسة طقوس الزهد والتقشف من أجل الخلاص.

 

ويشير إلى أن الديانة اليهودية لم تبد ميلا للتصوف، ولكن كانت البداية تأملات في التلمود والكتاب المقدس كرياضة روحية،ولكن ما حدث لهم من اضطهاد ديني وتشريد في الأرض جعلهم يبحثون عن منفس روحي أو شماعة يعلقون عليها آمال الخلاص من الاضطهاد، فظهر في الأجواء اليهودية من يبحثون عن الحكمة الخفية والعلوم الباطنية من خلال أسرار القبالاه ليتمكنوا من الدخول في الحضرة الإلهية، والقبالاه هي مجموعة من التفسيرات والتأويلات الباطنية الصوفية لنصوص العهد القديم عند اليهود، وقد أطلق العارفون بأسرار القبالاه على أنفسهم لقب “العارفون بالفيض الرباني”. وقد وجدت التعاليم القبالية رواجا في الأوساط اليهودية لأن لها تفسيرات بسيطة للشعائر والأوامر والنواهي، وقريبة من أفهام العامة، ولإحتوائها على الأساطير والخرافات التي أشبعت الظمأ الروحي عند اليهود، وقد كان هؤلاء المتصوفة اليهود يهدفون إلى تجديد تقاليد النبوة، وإلى الكشف الإلهي من خلال الشطحات الصوفية ومن خلال التأمل في حروف الكتاب المقد س وقيمها العددية، وأسماء الألهة ومن أبرز القبالاه أبراهام شموئيل أبوالعافية “1240م ـ 1291م”. ويزعم أتباع القبالاه أن عددهم 22 مليون كما أنه ليس كل القبالاه من اليهود ولكنهم يقدمون الدعم المطلوب لليهود.

فهل أنتم مع إحياء الطرق الصوفية كما يدعو الكاتب؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى