أخبار المملكة

منهج مدرسة العولمة الاقتصادية

منهج مدرسة العولمة الاقتصادية

الدكتور محمد العبادي

منهج مدرسة العولمة الاقتصادية

عقب إنهیار الإتحاد السوفیاتي في العقد التاسع من القرن العشرین فرضتالرأسمالیة العالمیة قیود شديدة على الاقتصاد العالميكانت بدایة لتحول نوعین من مسارات التطور العلمي للبشریة، بعد أن تحر

التوسع اللامحدود، فقد كان لابد من تطویر و إنتاج النظم المعرفیة و السیاسیة و الإقتصادیة بما یتماشى

مع تبریر و تعزیز النظام الرأسمالي المتفوق على النظام الإشتراكي. فیما یسمى بالعولمـة .

مفهوم العولمة الإقتصادیة.

لم یقف المفكرین و العلماء و الباحثین الإقتصادیین على تعریف واحد للعولمة الإقتصادیة و لهذا

سنحاول تقدیم تعاریف مختلفة للعولمة الاقتصادية .

1 _ التعریف الأول :

العولمة هي حقبة التحول الرأسمالیة العمیقة للإنسانیة جمعاء في ظل هیمنة دول المركز و بقیادتها و تحت سیطرتها و في ظل سیادة نظام عالمي للتبادل غیر المتكافئ .

2_ التعریف الثاني :

نشر القیم الغربیة في مجال الإقتصاد مثل، الحریة الإقتصادیة و فتح الأسواق و ترك الأسعار

للعرض و الطلب و عدم تدخل الحكومات في النشاط الإقتصادي و ربط إقتصاد الدول النامیة بالإقتصاد العالمي و تعكس هذه الظاهرة زیادة حركة رؤوس الأموال و تفتح المجال بشكل واسع امام أصحاب رؤوس الأموال لجمع المزید من المال .

3 _ التعریف الثالث :

تجاهل الآخر و إحلال الإحتراف الثقافي و الهیمنة و فرض نمط واحد للاستهلاك .

4 _ التعریف الرابع :

العولمة هي شكل جدید من أشكال النشاط، تم فیها الإنتقال بشكل حاسم من الرأسمالیة الصناعیة إلى مفهوم البعد الصناعي، و هذا التحول تقوده نخبة تكنولوجیة صناعیة تسعى إلى

تدعیم السوق الكونیة الواحدة بتطبیق سیاسات مالیة و إنمائیة و تكنولوجیة و إقتصادیة مختلفة .

وبشكل عام تعرف العولمة على أنها تلك الحالة أو الظاهرة التي تسود العالم في الفترة الراهنة و

تتمیز بمجموعة من العلاقات و العوامل و القوى تتحرك بسهولة على المستوى الكوني العالمي، متجاوزة

كل قیود الحدود الجغرافیا للدول و تصعب السیطرة علیها، تؤیدها و تساندها إلتزامات دولیة و یدعمها

القانون الدولي، مستخدمة آلیات متعددة و منتجة لأثار تتحدى نطاق الدولة الوطنیة إلى المستو ى العالمي

لتربط العالم في شكل كیان متشابك الأطراف یطلق علیه القریة الكونیة.

أنواع العولمة الإقتصادیة.

یظهر شكل العولمة الإقتصادیة في الفترة الحالیة في ظاهرتین منفصلتین :

عولمة الإنتاج :

والتي عرفت في نهایة الثمانینات و فترة التسعینات من القرن العشرین عولمة شرعية للعملیة الإنتاجیـة و

أسلوب الإنتاج ككل. و هذا عن طریق فرض برامج التعدیل الهیكلي من قبل المؤسسات المالیة العالمیة و

على رأسها صندوق النقد الدولي و البنك العالمي، و قد تسارعت وتیرة هذه العملیة جراء الإتفاقیات

المتعددة الأطراف التي عززتها المنظمة العالمیة للتجارة و تعد الشركات المتعددة والجنسیات العابرة للقارات والتي تشكل القوة الرئیسیة المحركة لعولمة الإنتاج.

عولمة الموارد المالیة :

جاءت عملیة الموارد المالیة كنتیجة لعولمة الإنتاج. خاصة في هذه السنوات الأخیرة، أین وصلت

حركة رؤوس الأموال العالمیة إلى مستویات فاجأت فیها معظم المراقبین، فعلى سبیل المثال، كان تجار العملات في مدینة نیویورك و لندن سنة 1986 یتداولون یومیا حوالي 188 ملیار دولار، إلا أن هذا الرقم

بلغ سنة 1995 حوالي 2.1 ترلیون دولار و هو في تصاعد مستمر.

 

أهداف العولمة الإقتصادیة.

هناك جملة من الأهداف العلنیة تسعى العولمة الإقتصادیة إلى تحقیقها :

– تهیئة الفرصة للنمو الإقتصادي لجمیع الدول.

– إنعاش الإقتصاد العالمي و ذلك بزیادة حجم التجارة العالمیة.

– تقریب الإتجاهات العالمیة نحو تحریر أسواق التجارة و رأس المال مع العلم أن الهدف الرئیسي

من وراء ذلك هو العولمة الإقتصادیة العالمیة و صبغتها بالرأسمال.

– حل المشكلات الإنسانیة التي تعجز الدو ل عن حلها بمفردها مثل انتشار أسلحة الدمار الشامل و

المخدرات و قضایا البیئة و انتقال الأیادي العاملة من دولة لأخرى.

إلا أن هذه الأهداف و التي تنادي بها المنظمات العالمیة الرئیسیة والتي تلعب دوراً فيالعولمة الإقتصادیة كصندوق النقد الدولي و البنك العالمي و منظمـة التجـارة العالمیـة .

وبظل هذه السیاسات الإقتصادیة العالمیة المجحفة ظهر تیار رفض العولمة معتبراً أن الأهداف الحقیقیة للعولمة الإقتصادیة هي الأهداف الخفیة و المتمثلة في هیمنة الدول الرأسمالیة على الإقتصاد العالمي بواسطة توظیف هذه المؤسسات الدولیة و الشركات المتعددة الجنسیات التابعة لها ، و فرض توسیع النظام الربوي و ربط عجلة الإقتصادات للدول الفقیرة الساعیة إلى إحداث تنمیة بإقتصاداتها .

خصائص العولمة الإقتصادیة :

تتمیز العولمة الإقتصادیة بمجموعة من الخصائص یمكن ذكر أهمها :

1 .سیادة آلیات السوق و السعي لإكتساب الفترات التنافسیة و ذلك بالإستفادة من الثورة التكنولوجیة التي یعرفها العالم و ثورة الإتصالات و المواصلات و حتى المعلومات بهدف الوصول إلى الإنتاج بأقل تكلفة

ممكنة و بجودة عالیة و البیع بسعر تنافسي و في أقصر مدة زمنیة ممكنة لأن الوقت أصبح یعد أحد

القدرات التنافسیة التي یجب أن تكتسب في ظل العولمة.

و قد كان لمنظمة التجارة الدولیة

دور رئیسي في زیادة الإعتماد الإقتصادي المتبادل فانضمام الدول إلى منظمة التجارة الدولیة أسفر عنه

تحریر التجارة العالمیة أو حریة انتقال رؤوس الأموال الدولیة، و في ظل الثورة التكنلوجیة التي یعرفها

العالم اختزلت المسافات بین القارات و الدول مما زاد من درجـة التأثیـر و التأثر المتبادلین و ایجاد نوع جدید من تقییم العمل الدولي، و قد أدى هذا التوجه إلى :

– زیادة التعرض للصدمات الإقتصادیة الآتیة من الدول الأخرى.

– سرعة انتقال و انتشار الصدمات الإقتصادیة.

– تزاید أهمیة التجارة الدولیة كعامل محدد للنمو.

– تزاید دور و أهمیة التجارة الدولیة كعامل محدد للنمو.

– زیادة درجة التنافسیة في الإقتصاد العالمي.

كما ظهر ذلك بشكل جلي في نوع و طبیعیة المنتج الصناعي، حیث لا یمكن لأیة دولة مهما توفرت

لديها قدرات إنتاجیة أن تستقل بمفردها في إنتاجه، و لهذا نجد الیوم العدید من المنتاجات الصناعیة مثل

السیارات تقوم كل دولة بالتخصص في صنع أحد مكوناتها.

تعاظم دور الشركات العابرة للحدود ،

وهي شركات عالمیة في الإستثمار، تؤثر بقوة في الإقتصاد العالمي و في إقتصادات الدول من خلال نشاطها على شكل استثمارات مباشرة من عملیة نقل الخبرات التسوقیة والإداریـة و التكنولوجیا.

و هذا نتیجة للسیاسات الإقتصادیة التي تفرضها قوى و مؤسسات العولمة علیها خاصة في مجال

السیاسة النقدیة و المالیة، حیث أجبرت هذه الدول على إلغاء قوانین التحكم في الاسواق و تطبیق سیاسة

تحریر السوق و الخضوع إلى سلطة و سیاسة المؤسسات الدولیة (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، منظمة

التجارة العالمیة) ، وقد شكل هذا

الإنفتح المالي و ارتباط الأسواق الداخلیة للدول بالأسواق العالمیة نتیجة لإلغاء القیود على حركة

رؤوس الأموال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى