الدكتور محمد العبادي
الاستثمار وضمان تحقيقه
تعد عملية الإستثمار ثنائية تهم كلا من المستثمر، والدولة المضيفة للإستثمار لذلك فإن ضمان الإستثمار يهم كلا من الطرفين على حد سواء.
يمثل الاستثمار العصا السحرية للدول النامية حتى تنهض باقتصادها ولكن يفترض في هذا الاستثمار الذي يؤمل منه تحقيق الهدف منه أن يبنى على اسس صحيحة ، ولذلك اخذت دول العالم تتبارى فيما بينها من اجل تضمين تشريعاتها الداخلية ما يحفز ويشجع المستثمر على اختيارها كدولة مضيفة للاستثمار دون غيرها وتفننت في منح التسهيلات والإعفاءات والإمتيازات للمستثمر الاجنبي، إلا أن هذا الاستثمار في بعض الاحيان قد يفضل البيئة الامنة سياسياً اكثر من تلك التي تعصف بها التداعيات السياسية والصراعات الحزبية ، حتى ولو كانت هذه الدول تقدم الاستثمار للمستثمر على طبق من ذهب. ولعل هذا يشكل ابرز عائق امام المستثمر الاجنبي من الولوج في استثماراته في دولة غير امنه سياسياً. وعلى هذا الاساس فإن التشريعات الوطنية للدول التي تطلب الاستثمار تعمل على ضمان انواع من تجنب المخاطر السياسية إلا أن هذه الضمانات طالما انها تشريعية وبإمكان الدول التراجع عنها فهي تعتبر ايضاً ضمانات ضعيفة وعلى هذا الاساس ظهرت الى الوجود مؤسسات دولية اخذت على عاتقها التأمين على استثمارات المستثمرين في الدول وخاصة النامية منها فظهرت اولا المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وعلى غرارها نشأت الوكالة الدولية لضمان الإستثمار والتي يعد من اهم اهدافها تعزيز ثقة المستثمر وتعويضه في حالة تعرض استثماره لمخاطر
تؤثر على مصلحة الطرفين .
وخاصة إذا لم تغطها شركات التأمين الوطنية او الاجنبية العادية. والواقع هذه هي مشكلة المستثمر الحقيقية في الكثير من الدول حيث يمثل الواقع الامني العامل الاكبر امام عزوف المستثمر عن استثمار أمواله فالمستثمر لابد ان يكون مطمئناً لإستثماره من الاخطار غير العادية والتي اصطلح على تسميتها بالسياسية كونها تنتج عن تصرف الدولة المضيفة للاستثمار سواء مباشرة او بصورة غير مباشرة وخاصة مايتعلق منها بالعمليات الروتينية ، وهذا يتحقق عن طريق التأمين على استثماره ضد المخاطر السياسية وغيرها.
وبصفة عامة فإن للمستثمر عدة مبررات تجعله يفضل اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي في مزاياه العديدة التي تتلائم مع طبيعة هذه العلاقة و ذلك لتخوف المستثمرين من اللجوء إلى قضاء الدولة المضيفة .
وبذلك يحقق الأمان الذي يرجوه وتكون العملية آمنة ورابحة .