الأردن و الصين.. الأخوَّة والتَّنَاصُر المُتبادَل على المدى
الأكاديمي مروان سوداح*
*الأكاديمي مروان سوداح: كاتب وصحفي أردني قديم، يَحمل الجنسيتين الروسية والأردنية، وعضو في “نقابة الصُحفيين الأردنيين”، و”الاتحاد الدولي للصحفيين”، وعضو فخري في “منظمة الصحفيين الكورية”؛ ومؤسس ورئيس “الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين” – الذي هو هيئة أُردنية التأسيس والإدارة والموقع وعاملة على تعزيز الصداقة والتحالف الأُردني والعربي الصيني؛ ومؤسس ورئيس “رابطة أنصار ـ روسيا بوتين”؛ ورئيس منظمات دولية أخرى، ويحمل أوسمة وميداليات وشهادات تقدير من عدة دول صديقة وحليفة.
تُعتَبر جمهورية الصين الشعبية بحق، البلد الصديق الصدوق المخلص للأُردن ولدول وشعوب العالم العربي برمته، فهي التي كانت، ومازالت، من أوائل المبادرين لتعزيز الاستقلالية العربية خلال العهود الاستعمارية، ومساندة العرب لنيل الاستقلالية في عصر الاستقلال العربي والعالمي أيضاً، حين تَكَسَّر طغيان العَصَا الغربية والأمريكية الذي كان مُمَارَسَاً على البلدان العربية ودول أخرى في الكون، إذ أوقع الغرب ملايين الشهداء العرب بآلات الحرب التوسعية الإمبريالية.. في حين أن الصين العظيمة كانت ومازالت وستبقى بقوة تصطف في صف العرب في نضالها المُخلِص للأخذ باليد العربية إلى مراتب الآمان السياسي والبشري، والاقتصادي، فها هي الصين تواصِل مساندتها عملانيات التطور العربي الذي تسانده بكين من خلال روافعها الكثيرة الإنسانية منها، والمادية وتلك المعنوية أيضاً.
بعد تفشي وباء كورونا في الأردن، الذي تفشي في العديد من دول العالم، بادرت الصين إلى تقديم إمدادات ومساعدات طبية كبيرة ومجانية إلى الأردن، إذ أن الأردن كان من أوائل الدول التي شاركت في التجارب السريرية للقاحات الصينية، وتبرَّعت الحكومة الصينية أيضاً، مشكورةً، بلقاحات كثيرة للأردن، وسيواصل الأردن والصين التعاون في مختلف المناحي، وبخاصة في مكافحة الأوبئة في المرحلة القادمة، حتى تحقيق النصر النهائي على مختلف أشكال الفيروسات القتَّالة التي يتم تخليقها في مختبرات غربية كما أكدت الحقائق، لاسيَّما وأن ما يتم نشره حالياُ هو تحذيرات من تفشي أوبئة جديدة، ومتحورات وبائية مشابهة لكورونا في بعض الدول، ومنها العربية.
الشعب الأردني هو صديق صدوق وحميم للصين منذ بداية علاقاته مع الصين في سنوات طويلة تعود إلى أكثر من ألفي سنة خلت، إذ كانت هذه العلاقات قد شهدت التبادل التجاري الواسع بين الشعبين، حين كان الحِراك التجاري يُقَام من خلال قوافل الجِمال، وقد تطورت الروابط الصينية الأردنية في عصرنا، لتغدو حميمة بين رئيسي البلدين جلالة الملك عبدالله الثاني، والرفيق شي جين بينغ، وشعبي الدولتين، وحكومتيهما. وهكذا نرى أن المحبة والتضامن والتقارب الجاد بين الأُردنيين والصينيين يعود بنا إلى حقبة زمنية بعيدة في التاريخ، وينعكس ذلك على العلاقات بين أُمتينا الإثنتين في العصر الراهن الذي عَمَّق صلابة وصلادة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة الأُردنية الهاشمية في العام 1977، إذ أعاد هذا الاعتراف بالصين الجديدة؛ جمهورية الصين الشعبية؛ الاشتراكية نظاماً وفكراً؛ إجماع الدولتين والشعبين على ضرورة تواصُل الصداقة والتحالف بينهما، وها هي هذه قد تطورت إلى صِلات حميمة، تكرِّسها شراكة إستراتيجية بدأت بينهما منذ العام 2015، وهو ماإنعكس على يوميات الشعبين والبلدين، فغدا كل منهما عاملاً سريعاً ومُجاهداً لإعلاء أجندة الترقي وتعظيم جسور التعاون، وهو ما تم بالفعل، ومايزال ماثلاً إلى يومنا هذا من خلال شتى أشكال التعاون بين العاصمتين والشعبين ومنظماتهما الاجتماعية، والسياسية، والإعلامية ومع غيرها.
ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن الطلبة من الأردنيين والصينيين مِمَن يَدرسون في جامعات ومعاهد الدولتين، يدرسون ويعملون بنشاط واضح لتعزيز الفُرص الذهبية لممارسة حق تعميق العلاقات مع البلد الأخر، وزيادة مشاربها وفروعها، وهو مايؤثر إيجاباً على تعميق وتصليب مسيرة التعاون، والتنسيق، والأخوَّة بين الشعبين ودولتي الصين والأردن، لتتلاقى وتتوحد جهود الجانبين الرسمية والشعبية في إتجاه واحد هو تعظيم كل مَا مِن شأنه حماية هذه العلاقات، وتوسيع شرايينها، وترسيخ دبلوماسية الصداقة والتحالف رسمياً وشعبياً بين الجانبين الساميين.
ومن الضروري الإشارة هنا إلى وضع المُصَاهَرة الواسعة بين شعبي الأردن والصين، إذ إن الطلبة الأُردنيين والصينيين، مِّمَن يدرسون في جامعات البلدين، يعملون ويبذلون جُل جهودهم في مسيرة التشبيك والصداقة والتحالف بين شعبينا ودولتينا، وما يُعزِّز ذلك إنَّمَا هو الزواجات المختلطة الواسعة بين العرب والصينيين، إذ يغدو النطق باللغتين العربية والصينية ظاهرة يومية وثابتة، تؤدي إلى ترسيخ التلاقح الحضاري والثقافي الذي تنتجه هذه الزواجات، وهي إذ تؤكد هذا الواقع، تحفظ صلابة العلاقات الصينية الأردنية على الصعيدين الرسمي والشعبي، وتوسِّع إطار “الدبلوماسية الشعبية” بين الأردن والصين، عودة على بدء هذه العلاقات منذ قديم الزمن، في سنوات مملكة الأنباط العربية في جنوبي الأردن، والتي كانت من أقدم الممالك في ذلك العهد، إذ اعتُبِر الأردن آنذاك أحد المحطات المهمة على طريق الحرير الصيني القديم، وهو جسر كان ربط بعرى وثيقة ومتينة الصين والأردن وشعبيهما، وهو مانعتز به أيَّمَا اعتزاز، فقد جمعت هذه الزواجات بين الشعب الأردني والشعب الصيني الصديق، وفي العصر الحديث تعزَّزت الروابط بين الجانبين بتأسيس العلاقات الدبلوماسية في السابع من نيسان / أبريل، عام 1977، لتزدهر علاقات الأردن والصين التي عزَّزتها زيارات جلالة الملك عبد الله الثاني إلى الصين، ولقاءاته بفخامة الرئيس الحليف شي جين بينغ، وتوقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين، والتي دشَّنت مرحلة جديدة من أواصر التواصل التي امتدت وتشعَّبت في كل الاتجاهات، وتنمية روابط الصداقة بينهما، ماجعل منهما وِحدة واحدة من خلال اختلاط الدم بالزواجات المختلطة، وبالتالي تلاقح الثقافتين الصينية والأُردنية بعُمق، ليُنتج ذلك أجيالاً جديدة تدافع عن العلاقات المتميزة بين البلدين، وتكافح لتجذيرها المتواصل، إذ؛ سيُفضِي كل ذلك لا مَحالة؛ إلى تحالف أخوي راسخ، يَعكس بجلاء الفكرة الإنسانية التي تتحدث عن ضرورات توطيد مضَّطَرِد للعلاقات الأردنية – الصينية، وبالتالي ترسيخ وتعميق وإثراء العلاقات الأُمَمِيَّة مع عموم البشر، وهي نقلة نوعية نشهدنا في مجالنا الثنائي الأُردني – الصيني؛ تفضي إلى إنتاج عَمَلانيَّة المُصَاهرة الإنسانية، والوِداد، والتَّنَاصُر لبعضنا بعضاً، والإخلاص والمحبة المتبادلة الصينية – الأُردنية روحياً ومعنوياً، وفي دائرة المجال اليومي المَلموس.
ـ يتبع.