الدكتور محمد العبادي
إدارة العدل في شريعة حمورابي نظام العقوبات والتسوية
تعد شريعة حمورابي هي مجموعة من القوانين التي وضعها الملك حمورابي لحكم مملكة بابل في العصور القديمة. تمتاز هذه الشريعة بتوفير إطار قانوني شامل يهدف إلى تحقيق العدالة وإدارة العدل في المجتمع البابلي القديم. تضمنت شريعة حمورابي نظامًا متطورًا للعقوبات وآليات التسوية للنزاعات.
يعتبر نظام العقوبات في شريعة حمورابي أحد أبرز جوانبها، حيث تم تحديد عقوبات دقيقة ومتناسبة لمجموعة متنوعة من الجرائم. تم تصنيف الجرائم إلى فئات مختلفة مثل الجرائم العنيفة، والجرائم المادية، والجرائم الاجتماعية. وقد تم تحديد العقوبات بناءً على مبدأ “العين بالعين والسن بالسن”، حيث كانت العقوبات ذات طابع قاسٍ وقوي، بهدف ردع المجرمين وحماية المجتمع.
ومن بين العقوبات المعروفة في شريعة حمورابي، نجد مثلًا عقوبة الإعدام للقتل العمد، وعقوبة الجلد والتهدید للجرائم الأقل خطورة، وعقوبة الحبس والغرامة للجرائم الاقتصادية والتجارية. كما تتطرق الشريعة إلى قضايا العقوبات المتعلقة بالسرقة والغش والإفساد، وتحدد عقوبات مناسبة تؤكد على أهمية حماية الممتلكات والحفاظ على النزاهة في المجتمع.
وإلى جانب نظام العقوبات، كانت شريعة حمورابي تحتوي أيضًا على آليات التسوية وحل النزاعات بين الأفراد. تم تشجيع استخدام وسائل التسوية والتفاوض لتجنب النزاعات القضائية الطويلة والمكلفة. وقد تم تحديد آليات لحل النزاعات المدنية والتجارية والعائلية بطرق سلمية وعادلة.
تعكس إدارة العدل في شريعة حمورابي الرغبة في تحقيق العدالة وإحلال السلم والتوازن في المجتمع البابلي القديم. كانت الشريعة تسعى إلى تحقيق المساواة أمام القانون وتفعيل مبدأ العقاب العادل والمنصف. وعلى الرغم من أنهاكتبت بناءً على الاعتبارات القانونية والاجتماعية لتلك الحقبة الزمنية، إلا أنه يجب ملاحظة أن شريعة حمورابي قد تعبر عن ثقافة وظروف معينة في ذلك الوقت، وقد تختلف من وجهة نظر القانون والعدالة في العصور الحالية.
وعليه يعتبر نظام العقوبات والتسوية في شريعة حمورابي إرثًا قانونيًا هامًا يعكس الجهود المبذولة في تطوير نظام قانوني شامل وتحقيق العدالة في المجتمع القديم.
