علماء صنعاء المجددون: دورهم في محاربة الفكر الإمامي وتطوير الفكر التجديدي في اليمن

بقلم نجيب الكمالي
عندما أقبل على قراءة كتاب أو رواية، فإنني أحاول أن أقرأه بنظرة ناقدة بغض النظر عن الكاتب. ويحدث أن يكون الكاتب مشهورًا، وفي هذا الكتاب أقبلت عليها تاركًا خلفي فكرة أن الكاتب صديق لي. وقد اندمجت مع الكتاب بالفعل وتناسيت علاقتي بالكاتب، وكنت أتوقف في بعض الأحيان وأشعر بالفخر والتقدير عندما أتذكر أن الكاتب الذي كتب هذا الكتاب العظيم هو صديقي.
إنكم مقبلون على جرعة دسمة من التاريخ اليمني والنقاشات حول علماء صنعاء المجددون ودورهم في محاربة الفكر الإمامي وتطوير الفكر التجديدي التي أسهمت تغيرًا نوعيًا في مسارها السياسي، وكذلك أسهمت في تعزيز الهوية اليمنية والتصدي للفكر المتطرف، بالحجة والدليل والمصادر الموثقة. وكل ذلك في إطار كتاب ممتع ومشوق وأحداث جانبية تخدم هدف التجديد والجمهورية.
يعتبر كتاب “علماء صنعاء المجددون ودورهم في محاربة الفكر الإمامي” للباحث والمؤرخ بلال محمود الطيب إضافة قيمة للمكتبة اليمنية. يتناول الكتاب دور العلماء المجددين في اليمن في مواجهة الفكر الإمامي وتطوير الفكر التجديدي في اليمن. برز عدد من العلماء المجددين في مدينة صنعاء خلال القرن الثامن عشر الميلادي، وكان لهم دور محوري في مواجهة الفكر الإمامي وتطوير الفكر التجديدي في اليمن.
من أبرز هؤلاء العلماء محمد بن إبراهيم الوزير، والحسن بن أحمد الجلال، وصالح بن مهدي المقبلي، ومحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، ومحمد بن علي الشوكاني. عمل هؤلاء العلماء على تصحيح المفاهيم الدينية وتجديد الخطاب الديني في اليمن، مما ساهم في تعزيز الهوية اليمنية والتصدي للفكر المتطرف. كما عملوا على نبذ التقليد والاستيراد، ودعم الابتكار والتجديد في مختلف المجالات.
شهدت الإمامة الزيدية بعد وفاة المنصور الحسين بن المتوكل القاسم تغيرًا نوعيًا في مسارها السياسي، حيث استقرت وراثة في ذرية ذلك الإمام. عمل الحكام الجدد على نبذ التعصب المذهبي والتقرب من علماء السنة المجددين، ليس حبًا في الأخيرين، وإنما حفاظًا على عروشهم.
كان لجهود العلماء المجددين، وخاصة العلامة الصنعاني والعلامة الشوكاني، أثرًا كبيرًا في تنامي حراك صنعاء الفكري. كانا قريبين من الحكام، وأسهما في تهذيب سلوكياتهم وصناعة أحداث وصفت بالإيجابية. كما ساهموا في تعزيز الهوية اليمنية والتصدي للفكر المتطرف.
يشدد المؤلف على أهمية فهم وجهة نظر الآخرين وعدم الاستسلام للهرطقات التي عمل البعض على تكريسها. كما يرى أن إلصاق تهمة اعتناق العلماء المجددين للمذهب الإمامي مغالطة يسهل تفنيدها. يؤكد المؤلف أن التجديد ضرورة تاريخية لا رفاهية. وقد عمل العلماء المجددون على إلغاء المذهب الديني الأيديولوجي الحامل للفكرة الإمامية، تلك الفكرة الراديكالية المتطرفة، العابرة للأزمنة.
يمثل كتاب “علماء صنعاء المجددون ودورهم في محاربة الفكر الإمامي” إضافة قيمة للمكتبة اليمنية. يسلط الضوء على دور العلماء المجددين في تاريخ اليمن الفكري والسياسي، ويعكس أهمية التجديد والابتكار في الفكر اليمني. كما يشدد على أهمية فهم وجهة نظر الآخرين وعدم الاستسلام للهرطقات التي عمل البعض على تكريسها.