مقالات منوعة

(هانيبال) الفينيقي

(هانيبال) الفينيقي

(هانيبال) الفينيقي ..

د.علي أحمد جديد

(هانيبال) المعروف كشخصية تاريخية هو :
حَنابَعل بنْ حَملقار برُقة (باللهجة الفينيقية) “هانيبعل برقا” ، ويقال له أيضاً (حنا بعل أو هانيبال أو هاني بعل) 247 ق.م – 182 ق.م . وهو قائد عسكري قرطاجي ينتمي إلى عائلةٍ (فينيقية) عريقة ، وإليه تُنسب العديد من التكتيكات الحربية في المعارك والتي ما تزال تُدَرَّس في الأكاديميات العسكرية حتى اليوم . إذ يقول الجنرال الأمريكي (نورمان شوارزكوف) :
تعلّمتُ الكثير من “حنابعل ، هانيبال” حيث طَبّقتُ الكثير من تكتيكاته في التخطيط لحملة عاصفة الصحراء التي نَفَّذَتْها الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج .
أبوه هو (حمل قار برقا) سياسي ، وقائد عسكري في جيش
الإمبراطورية القرطاجية . وكان (هانيبال أو حنا بعل) جنرالاً كبيراً في قوات جيوش قرطاجة وقائدَ الحرب الرومانية السورية ، وكذلك الحرب الفينيقية الثانية المذكورة في المراجع التاريخية باسم (الحرب البونيقية الثانية) ، وكذلك قائد معركة بحيرة تراسمانيا ، ومعركة تريبيا و معركة كاناي ، كما قاد الجيوش في معركة سيلاريوس و معركتي هردونيا الأولى و الثانية ومعركة زامة . وقد بلغ (هانيبال) أقصى حدود المستحيل في هزيمة الأمبراطورية الرومانية وأصبح مادة ثرية للأساطير بعد أن احتل معظم (إيطاليا) وحاصر روما لمدة 15 عاماً .
قاد (هانيبال) جيوش قرطاج في الحرب البونيقية – الفينيقية الثانية ، واجتاز جبال الألب حتّى وصل إلى حوض (نهر إلبه) بإيطاليا متفوقاً بذلك على جميع قادة الإمبراطورية الرومانية بجدارة . وبرزت عبقريته في التخطيط الذي قام به في عدة حروب ومعارك خاضها . ولعل أبرزها كان عبوره الانتحاري بجيشه لجبال الألب ، وأيضاً معركة (كاناي) التي كلّف فيها الخيّالة القرطاجيين بمواجهة الخيّالة الرّومانيّين مع توجيهه الأمر للمشاة بالتقهقر والإلتفاف لتطويق المشاة الرّومانيّين ، حتى بات الجيش الرّوماني محاصراً من قِبَلِ الجيش القرطاجيّ من كلّ الجهات ، وفي ذات الوقت تمكّن الخيّالة القرطاجيون من الفتك بالخيّالة الرّومانيّين الّذين لاذوا بالفرار ، وبذلك كان النصر حليف الجيش القرطاجي .
كان أبوه (حمل قار برقا) قائداً للقرطاجيين في الحرب البونيقية – الفينيقة الأولى ، كما كان أخواه (صدربعل و ماجو) من أعظم قادة الجيش القرطاجي ، وكان (حنابعل – هانيبال) شقيقاً لزوجة القائد (صدربعل العادل) ، وقد وصف المؤرخون (حنابعل – هانيبال) بأنه كان أسوأ كوابيس روما وكاسر هيبتها ، وصوّره الرومان في تأريخهم لاسمه على أنه وحش يهوى القتل وسفك الدماء ، حتى أنّهم عندما يتوجسون من وقوع كارثة في جميع المجالات يقولون : (Hannibal ad portas) وتعني “حنابعل على أبوابنا” .
وُلِدَ (حنابعل أو هانيبال) عام (247 ق.م) في مدينة قرطاج (إحدى ضواحي مدينة تونس حالياً) والتي بناها القائد الفينيقي المعروف (جلجامش) . رافق وهو في التاسعة من عمره والده (حمل قار برقا) إلى هسبانيا (إسبانيا) . وفي عام (221 ق.م) اختاره الجنود قائداً لهم – وهو أصغرهم – بعد اغتيال (صدربعل العادل) زوج أخته ، وتمكّن من بسط نفوذ قرطاج على جزء من جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك (ساغونتو) ، أحد أهم وأقوى المعسكرات الرومانية . وقد رأت روما في ذلك خرقاً للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية – الفينيقية الأولى ، وطالبت بتسليمها (حنابعل – هانيبال) لمحاكمته وإعدامه . وكان رفض القرطاجيين تسليمه سبباً في اندلاع الحرب البونيقية – الفينيقية الثانية بين عامي 218 ق.م و201 ق.م .
عاش ( حنابعل – هانيبال) خلال فترة من التوتر في حوض البحر المتوسط ، عندما حاولت روما فرض سطوتها على القوى العظمى في المنطقة مثل (قرطاجة ومملكة مقدونيا الهلستينية وسرقوسة والإمبراطورية السلوقية) ، وكانت أكبر إنجازاته خلال الحرب البونيقية – الفينيقية الثانية عندما سار على رأس جيش يضم فيلة حربية ، وقطع المسافة من أيبيريا إلى شمال إيطاليا عابراً جبال البرانس وجبال الألب . وخلال سنواته القليلة الأولى في إيطاليا ، حقق ثلاثة انتصارات مثيرة في معارك (تريبيا وبحيرة تراسمانيا وكاناي) . وخلال 15 عام ، احتل (حنابعل) معظم إيطاليا ، مع ذلك اضطر إلى أن يعود لمواجهة الغزو الروماني في شمال أفريقيا . وهناك هزمه (سكيبيو) الإفريقي في معركة (زامة) .
بعد الحرب ، كان ( حنابعل – هانيبال) حاكماً لقرطاجة ، وقام بتحقيق العديد من الإصلاحات السياسية والمالية وتمكّن من دفع تعويضات الحرب المفروضة على قرطاجة لروما . وقد كانت هذه الإصلاحات لا تحظى برضا الطبقة الأرستقراطية القرطاجية فوشت به لروما ، التي فرضت عليه النفي إلى أراضي الإمبراطورية السلوقية ، حيث قام بدور المستشار العسكري للامبرطور السلوقي (أنطيوخس الثالث) في حربه ضد روما . وبعد هزيمة (أنطيوخس) الذي إضطر لقبول شروط روما ، فرَّ (حنابعل – هانيبال) مرة أخرى إلى مملكة أرمينيا ليستقر في (بيثينيا) يساعدهم بخططه الحربية لتحقيق فوز بحري بارز على أسطول من (بيرجامس) . بعد ذلك تعرَّض (حنابعل – هانيبال) للخيانة وكان من المفترض أن يُسلَّمَوه إلى الرومان ، إلا أنه آثر تناول السم الذي يحتفظ به في خاتم لبسه لوقت طويل على أن يموت أسيراً في يد الأعداء .

يعتبر (حنابعل – هانيبال) واحداً من أعظم القادة العسكريين بطولة وشجاعة في تاريخ العصور القديمة ، كالإسكندر الأكبر ويوليوس قيصر وسكيبيو الإفريقي وبيروس الأيبيري و الإمام علي بن أبي طالب .
وكالكثيرين من قادة العصر الحديث أمثال الذين يعتبرون (حنابعل – هانيبال) قائداً استراتيجياً موهوباً . كما تناولت العديد من الأفلام والبرامج الوثائقية تاريخه وقصة حياته .
وكان هو صاحب المبدأ المتمثل بمقولته الشهيرة :
” إمّا أَنْ نَجِدَ الطَريقْ أو أن نَصنَعه بأنفسنا ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى