أُمي مِثالٌ يُحْتَذَىَ
الأكاديمي والصحفي مروان سوداح
قبل أيام مَعدوداتٍ كانَ في بيتنا عِيدٌ. في الغالب ما تكون الأعياد في العائلات المختلفة مناسبات ذات معنى عميق، كأعياد ميلاد لعُضو من أعضاء العائلة، أو لإنجاز مهم في مجال ما. لكن في عائلة فيصل كان الوضع مختلف تماماً! أتدرون ما هو؟ سنشرح لكم:
العيد هو “عيد قصة نجاح”! أتعلمون لِمَنْ؟! إنه للسيدة الفاضلة فاطمة صالح والِدة الأخ فيصل، التي بلغت مؤخراً 72 سنة من عمرها المَديد. المُحبّون للأخ صالح – صديقي الكبير والشهير، المُصَوِّر الفذ في عمله المُحترف، فيصل ناصيف صالح، يَتَنَادَىَ إلى صداقته الكثيرون، فهو أحد أشهر العاملين في مجال التصوير الفوتوغرافي في المَملَكَة الأردُنيَّة الهاشمية، فإبداعاته جذبت الكثيرين إليه، إذ إنه يتَّسم بإبتسامة عريضة، وإتقان مهني لافت، واهتمام به من لَدنِ كل مَن يَعرفه ويتَعَامَل مَعَهُ في مجالِ التصويرِ.
السيدة فاطمة هي الأُم الأَكاديمية المَحِبَّة للعلوم والمَعرِفة العِلمية والشرعية. كيف كان الكشف ذلك..؟ عن محبتها لإكتساب العلوم؟ لقد تم معرفة ذلك بعد إلتحاقها، فجأة، بـِ “كلية العلوم الشرعية والعربية” بجامعة صَفوة المصرية، لدراسة الشريعة الإسلامية لمدة تصل إلى عشر ساعات يومياً، بالرغم مِن أنها تقدَّمت في العمر، إذ بلغت سنينها المَطوية 72 سنة؟! لقد برَعَت السيدة الأردنية فاطمة، الأُم الحنونة وَرَبَّة البيت الطيبة بهذه الدراسة، دون التفاتها لعمرها المُتقدِّم، وإنشغالاتها اليومية؛ فهي إذ تحمل الأسم العربي – الإسلامي العريق في تاريخ أمة الضاد – “فاطمة”؛ سارعت لإنجاز عظيم في يومياتها العلمية – الشرعية، دون أن تلتفت إلى غالبية السيدات اللاتي في عمرها، فَمُعْظَمَهُنَّ لا يتقدمنَ لا صوب المدارس والمعاهد، ولا للإلتحاق في ركاب الدراسات العليا.
دراسة السيدة فاطمة كانت يومية، وبجدٍ واجتهادٍ يَطولُ في نهاراتها المتتالية، إلا أنها لم تكن تشعر بمضي الوقت بسبب محبتها الغامرة للدراسة ولتحقيق النجاح المُتميز أمام الهيئة الجامعية التدريسية، والسيدات الأُخريات مِمَّن يَنخَرطنَ في ذات الدراسة، ولرغبتها العميقة والثابتة في أن تؤكد للمجتمع وللجامعة ولإدارتها واساتذتها وطلابها وطالباتها بأن العمر ليس عائقاً أبداً أمام المَرأة الراغبة بتحقيق النجاح في تخصصها العلمي، وبخاصة الشرعي منه، الذي غالباً ما يَهتمُ به الرجال وليس النساء.
السيد فيصل ناصيف صالح، هو إبن السيدة فاطمة التي حصلت على ((درجة إمتياز)) في العلوم الشرعية والعربية. فيصل فخور بحكمة والدته، وبكل اهتمام يُفاخر بمبادىء والدته التي تخرجت عليا متميزة من جامعة بتخصص شرعي، وها هو فيصل يستفيد من هذه العلوم الجامعية التي اكتسبتها أُمهُ الحكيمة والمتوقِدة الذكاء.
فيصل يُعظِّم رغبات والدته العلمية، ويُفَاخِر بها، فهي في واقع الحال واحدة من القليلات من السيدات اللواتي يواصل تلقي العُلوم في عُمرٍ متقدم، وها هو يسير في طريقها المستقيم لإكتساب العلوم في مختلف عناوينها، وينعكس ذلك على كل مَن يعرفهُ.
نتقدم بالتهنئة القلبية للسيدة فاطمة صالح النشطة، لنجاحاتها العلمية المتواصلة، ولتلقيها “شهادة الليسانس” بالعلوم الشرعية والعربية، ونتمنى لها تواصل إنجازاتها اللافتة لإنتباه الجميع، وأن نرى جميع السيدات والفتيات يَحْتَذِينَ حَذوَهَا.
ج
………انتهى..//.