مقالات منوعة

تنمية المواهب في التعلم

تنمية المواهب في التعلم

تنمية المواهب في التعلم

هي ظاهرة (الموهبة)،متعددة الجوانب ومتطورة تثير اهتمام الإنسان منذ قرون. جذورها التاريخية، وتفسيراتها المتنوعة، والأسس النفسية لها جعلتها موضوعًا للتحقيق والنقاش الواسعين. سواء تمت مشاهدتها (كالقدرة الفطرية أو المهارة التي تم تغذيتها، أو مزيج من كلاهما)*، تظل الموهبة مفهومًا معقدًا وديناميًا.

أن فهم الموهبة يحمل تداعيات واسعة على التعليم وعلم النفس ومجموعة متنوعة من ميادين العمل البشري. إنه (يتحدانا لنفكر في التفاعل بين الطبيعة والتربية، ودور التمرين المتعمد، وأهمية الذكاء العاطفي)*، في عالم لا يعرف حدود للإمكانية البشرية، يستمر استكشاف الموهبة في أن يكون جهدًا حيويًا ومتطورًا دائمًا. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ عملية تعليم وتوجيه الموهوبين تقوم من خلال برامج تكميلية خاصة للطلبة المتميّزين بمستوى ذكاء عالٍ، يجب علينا توفير خطط تعليم خاصة بهم لتلبية احتياجاتهم. ترتكز عملية دعم مفهوم القدرة والمواهب على عدة مفاهيم، وهي (علم النفس البيئي، والإدراك، ونظرية النشاط، والمشاركة الطرفية المشروعة، وعلى الرغم من أنّ البعض يستخدم مصطلح المواهب لوصف الأفراد الذين يمتلكون قدرة استثنائية، ومصطلح القدرة على أنها سمة داخلية، إلا أنه يجب التعامل على أنهما عبارات متكافئة يمكن أن تُستخدم لوصف المعاملات الوظيفية التي يمتلكها الفرد)*.

 

الفرق بين المهارة والموهبة *

 

— الموهبة صفة فطرية يولد بها الفرد وملكة خاصة على القيام بأمر معيّن.

— المهارة هي خبرة مكتسبة يحصل عليها الفرد بالتعلّم والتدريب.

— الموهبة هي هبة إلهية لا يد للإنسان في اكتسابها .

— المهارة هي مقدرة تحتاج إلى الوقت والجهد لتطويرها.

— تقتصر الموهبة على عدد محدود من الناس نظرًا لأن نسبة كبيرة منهم يفشلون في اكتشاف مواهبهم الدفينة.

— المهارة قد تُكتسب من قبل أيّ شخص إن هو امتلك القدرة والإرادة ومصادر التعلّم المناسبة.

— تكون الموهبة مختفية دائمًا، لذا لابدّ من اكتشافها والاعتراف بها ورعايتها لتنمو وتتطوّر.

— بعكس المهارة التي تكون ظاهرة ولا تحتاج إلاّ إلى التطوير والتمرين المستمر لتتطوّر.

 

دور المعلم :-

يعتبر المعلم حجر الزاوية في أي بناء تعليمي سليمٍ ، وتقع على عاتقة مسؤولية عظيمة في تربية النشئ ،في توجيههم التوجيه السليم،و في تنمية مواهبهم، لتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية.

وقد اقترح (تورانس) *

عدة اقتراحات للمعلِّمين، يمكن اتباعها في تدريب التلاميذ الإبداعي، وتنميته لديهم، ومن هذه المقترحات ما يلي:

1- أن يعرف المعلِّم مفهوم الإبداع، وطرق قياسه بواسطة اختبارات الطلاقة والمرونة والأصالة والتفاصيل، وأن يعرف الفرق بين التفكير المحدود والتفكير المطلق، وكيفية استخدام هذه الاختبارات لمعرفة الطلاب الموهوبين، ومن ثَمَّ التعامل معهم من هذا المفهوم.

2- أن يقدِّم المعلِّم مكافأة للتلميذ عندما يعبِّر عن فكرة جديدة، أو مواجهته لموقف بأسلوب إبداعي.

3- اختبار أفكار التلاميذ بطريقة منتظمة، وألا يُجبِر تلاميذه على استخدام أسلوب محدَّد في حل المشكلات التي تواجههم، وأن يُظهر رغبته في اكتشاف الحلول الجديدة عندما يقوم بمناقشة استجابة التلاميذ في موقف معين.

4- ينبغي للمعلِّم أن يخلق مواقف تعليمية تستثير الإبداع عند التلاميذ، كأن يتحدث عن قيمة الأفكار الشجاعة والتي تبدو متناقضة، وأن يقدِّم للطلاب أسئلة مفتوحة.

5- تشجيع التلاميذ على تسجيلِ أفكارهم الخاصة في يومياتهم أو كراساتهم أو في بطاقات الأفكار.

6- تشجيع التلاميذ على الاطِّلاع على مبتكرات وإبداعات العلماء، والأدباء، والشعراء، والفنانين، مع الإقلال من تقدير مبتكرات التلاميذ الخاصة.

7- إعطاء التلاميذ الحرِّية في التعبير عن قدراتهم، ومزاولة هواياتهم، وممارسة النشاطات التي يميلون إليها في حصة النشاط، مع توفير الإمكانات اللازمة والخامات والمواد المطلوبة لتنمية مواهبهم.

 

ويمكن للمعلم المساهمة في كثير من الأنشطة التي تصقل المواهب، وتنميتها من خلال إشرافه على بعض الجماعات بالمدرسة، والتي تعتبر مجالاً خصبًا للإبداع والابتكار للطالب والمعلِّم على حَدٍّ سواء.

 

أما في الصف*

فينبغي على المعلم استخدام أساليب تدريسية فعَّالة تركز على الحوار، وإشراك جميع الطلاب في فعاليات الدرس، مع التركيز على ذوي القدرات العقلية المتميزة، واستثارة دافعيَّتهم للإبداع باستخدام أسئلة تقدم لهم، مثل:

• ماذا يمكن أن يحدث إذا…؟

• ما الذي يمكن أن تعمله في موقف معين؟

• كيف تعدِّل وتطور فكرة ما؟

والمعلم الناجح

هو الذي يشجِّع طلابه على التعلم الذاتي، وكيفية استخدام المصادر المختلفة للمعرفة والتعلم، ولا يسخرُ من أفكار طلابه أو إنتاجهم مهما كان متواضعًا.

وسيواجه المعلم

فئات من الطلاب لديهم أفكار إبداعية، لكن يمنعهم الخوف أو الخجل من طرحها، وهنا لا بد من إزاحة الستار عن هذه الأفكار، وتشجيع الطلاب على طرحها ومناقشتها.

(وينبغي أن يكون للبيئة المحيطة بالمدرسة نصيبٌ وافر من اهتمامات المعلم، ويركز على كيفية خدمتها، وحل مشكلاتها بطرق علمية منظمة؛ مثل: (التخلص من النفايات – تحسين البيئة المحلية؛ مثل التشجير والتخطيط السليم والخدمات العامة – ترشيد استهلاك المياه والكهرباء وغيرها)، وإبراز إسهامات الطلاب الموهوبين في علاج هذه المشكلات)*.

 

دور المجتمع :-

المجتمع هو البيئة الكبرى التي يقضي فيها الفرد حياتَه مع أشخاص آخرين، يتفاعل معهم، ويتأثر بهم ويؤثر فيهم، فهو يكتسب منهم المعايير والاتجاهات، وتنشأ لديه العواطف والاهتمامات، وهو غالبًا ما يعتمد على وجود أشخاص حينما يريد التعبير عن حياته الوجدانية، وفي ذات الوقت هو موضع اهتمام أشخاص آخرين (كالأم، والأب، والإخوة )،ومن خلال هذا التفاعل بين الطفل والمجتمع الذي يحيط به تنشأ ارتباطاتٌ عديدة ومتنوعة بينه وبين أعضاء هذا المجتمع، تختلف في قوتها وأهميتها وعددها ونوعها (فقد يكون هذا الارتباط علاقة انفعالية أو اجتماعية أو ثقافية؛ فحياة الفرد مكوَّنة من مجالات نشاط عديدة في منزله وفي حياته العائلية أيضًا، وحياة العمل، والهوايات، وأوقات الفراغ)*.

كل هذه المجالات تشمل تبادل النشاط مع آخرين يكوِّنون عددًا من الجماعات المتداخلة مثل (جماعة الأسرة، وجماعة العمل، وجماعة اللعب وأوقات الفراغ)، ويصبح الفرد محورًا لشبكة من العلاقات التي تنسج حياته في المجتمع، إلا أن الأفراد يختلفون في قدراتهم على تكوين تلك العلاقات من حيث قوة ارتباطها، ومداها، وعددها ونوعها.

 

أهمية النشاط في تنمية الموهبة *

1-تعويد الطالب على احترام النظم العامة والقوانين.

2-تساعد في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة.

3-الترويح عن النفس وتجديد حيويتها، كما أن فيه مجالاً للتعلم بتهيئة الظروف المناسبة الشبيهة بمواقف الحياة اليومية

4-تنمية الهوايات الموجودة لدى الطلاب، وتوسيع آفاقهم الفكرية والعلمية.

5-اكتشاف مواهب الطلاب وقدراتهم، وصقل هذه المواهب والقدرات والميول.

6-زيادة الحصيلة العلمية للطالب من الأساليب والتعابير والألفاظ اللغوية والفنية والعلمية.

7-تساعد في تأهيل الطالب لمواجهة الحياة بمختلف صورها.

8-تساعد في اكتساب خبرات ومهارات جديدة.

9-تمد الطالب بمعلومات عن المهن المختلفة التي يمكن أن يمارسها في مجتمعه، بالإضافة إلى معلومات عن أسس اختيار الفرد للمهنة التي تناسبه.

10-تساعد برامج النشاط في بناء شخصية المتعلم وتكاملها، بما تقدمه من مجالات متنوعة للأنشطة المدرسية، تؤدي إلى حسن تعامل الطلاب مع أنفسهم، ومع بيئتهم، والارتفاع بمستوى أدائهم، ومهاراتهم الدراسية، والحياتية.

 

بعض الاتجاهات والابتكارات المستقبلية *

— التعلم المخصص والمتكيف يستفيد هذا النهج من التكنولوجيا والبيانات لتخصيص تجربة التعلم وفقًا للاحتياجات والتفضيلات والأهداف الفردية لكل متعلم. يمكن للتعلم الشخصي والتكيفي أن يعزز مشاركة المتعلم وتحفيزه ونتائجه، فضلاً عن تعزيز الكفاءات الريادية مثل التوجيه الذاتي والإبداع وحل المشكلات. على سبيل المثال، Knewton عبارة عن نظام أساسي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم تعليقات وتوصيات مخصصة للمتعلمين بناءً على أدائهم وتقدمهم.

— التعلم القائم على المشاريع والتجريبي يتضمن هذا النهج إشراك المتعلمين في مشاريع حقيقية وواقعية تتطلب منهم تطبيق معارفهم ومهاراتهم والتعاون مع الآخرين وتحقيق نتائج ذات معنى. يمكن للتعلم القائم على المشاريع والتجريبي تطوير كفاءات ريادة الأعمال مثل التعرف على الفرص والابتكار والمرونة. على سبيل المثال، High Tech High (.التكنولوجيا العالية) هي شبكة من المدارس التي تستخدم التعلم القائم على المشاريع باعتباره جوهر مناهجها الدراسية، حيث يعمل المتعلمون في مشاريع متعددة التخصصات تعالج قضايا وتحديات العالم الحقيقي.

— الإرشاد من نظير إلى نظير وعبر الأجيال يتضمن هذا النهج تسهيل التعلم والدعم بين الأقران وعبر الأجيال المختلفة، والاستفادة من وجهات النظر والتجارب والخبرات المتنوعة لكل مشارك. يمكن للتوجيه من نظير إلى نظير وعبر الأجيال أن يعزز كفاءات ريادة الأعمال مثل التواصل والتعاون والتغذية الراجعة. على سبيل المثال، تعد Mentor Collective * منصة تربط المتعلمين بالموجهين من خلفيات ومجالات ومراحل مختلفة من حياتهم المهنية، والذين يمكنهم تقديم التوجيه والمشورة والإلهام.

الخاتمة :-

يقول نيوتن: “إذا كنتُ قد استطعتُ أنْ أرى أبعدَ من غيري، فلأنني وقفتُ على أكتافِ عددٍ كبير من العمالقة”.

 

ويقول هاورد جاردنر* “المعلمُ الناجحُ ذو الخبرةِ والتدريب الجيِّد لا يزال أفضلَ من الوسائلِ التكنولوجيَّة الأكثر تقدمًا، وإنَّ أعظم الأجهزةِ والبرامجِ لا تزال قليلةَ النَّفعِ في غيابِ المنهجِ وعلمِ أصولِ التدريس والتقييم المناسب

 

قطرالندى عزيز دعدوش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى