مقالات منوعة

“فلسطين الصينية” إذ تتألق…!

بقلم الاكاديمي مروان سوداح رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين.

 

“فلسطين الصينية”.. هذا هو الحل الواقعي لفلسطين أرضاً وشعباً وقضيةً فلسطينية..!

((لقد تحوَّل الإرهاب الصهيوني إلى عمليات عسكرية إسرائيلية. والفلسطينيون، الذين كانوا يحاولون العيش في بيوتهم وعلى أراضيهم، تحوَّلوا إلى متسللين! بينما أصبح آلاف اليهود، الذين نُقِلوا على عجل إلى بيوت مسروقة، مواطنين))!
توماس سواريز، من كتاب: “دولة الإرهاب: كيف قامت إسرائيل الحديثة على الإرهاب”
………..

في مواجهة الإجرام الصهيوني المتواصل والمدعوم غربياً بالكامل منذ سنوات طويلة في فلسطين والأراضي العربية الأخرى المحتلة صهيونياً، لا بد لنا من الاستعانة بدولة كبرى وحليفة للشعبين العربي والفلسطيني والقضايا العربية المشروعة، لأجل أن نتمكن من النهوض وحماية هِبة الحياة المقدسة، والأرض والعرض، في مواجهة العَسف الصهيوني – الغربي، الذي يعمل على “كنس!” العرب من فلسطين وما حولها من الدول العربية.
وفي هذا المضمار يرى كثيرون من أبناء العربية، وأنا واحد منهم، أن الصين هي الدولة الحليفة التي يمكنها من خلال قِواها المُتعددة وأنسانيتها المِثال الذي يُحتذى، وبُعد البصيرة الثاقبة لقيادتها السياسية والفكرية النابهة، أقول، يمكنها حماية شعب فلسطين ومستقبل الأمة العربية بعيداً عن التفتت، لكن يجب على العرب أجمعين، أولاً، أن يؤهلوا بعضهم البعض علمياً لهذه الخطوة الكبيرة التي قد لا يمكن تطبيقها، برغم أن كثيرين من العرب يحلمون بها في محاولة لوقف العدوان الصهيوني على فلسطين، والذي سيتمدد وفقاً للمخطط الصهيوني إلى بقية الأقطار العربية في آسيا وإفريقيا.
تنص الوثائق السياسية السرية للخزريين الصهيو-إسرائيليين لأبناء قومية الخزر؛ الذين صاروا ينعتون أنفسهم باليهود و “بالقوميين اليهود”؛ على ما يُسمُّونه “حتمية” تهجير الفلسطينيين شعباً من وطنهم التاريخي، لتبقى “إسرائيل” الدولة الوحيدة والشرعية في طول وعرض فلسطين، ومن بعد ذلك، وفور أن تستتب أمورها لهؤلاء الخزر “اليهود الصهاينة” في فلسطين، لن يكون لفلسطين، كما يخططون، إسم كنعاني عربي، ولن يبقى على قيد الحياة لا شعب ينطق بالعربية ولا أرض فلسطينية يُقيمون عليها، بل سيتم صهيونياً تنفيذ الخطوة الحربية القديمة الجديدة، ألا وهي شن هجوم صهيوني حارق – شامل بمختلف الأسلحة الفتاكة على الشعب الأُردني في الأُردن، حيث يعيش عدد ضخم من فلسطينيي التهجير منذ العام 1948 ومن قبله، ومروراً بالعام 1967، وما بعده، وسيتم على الملأ إحياء الشعار الصهيوني الإمبريالي الخطيرالذي يُعلن مدعوماً من الغرب الجماعي وعملائه علانية وفي كل زوايا الكرة الأرضية: “فلسطين لنا والأُردن أيضاً”!.
………..
في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023م، التي شنَّتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف قطاع غزة، أجرى التلفزيون الإسرائيلي حواراً مع إحدى المستوطِنات في مستوطنة “كفار عزة” الواقعة بالغلاف، حيث قدَّمت المرأة شهادتها حول اقتحام المقاتلين منزلها قائلة: “دخلوا وقلت لهم: لديّ طفلان هنا. فنظروا إلينا وقال لي أحدهم: لا تقلقي، أنا مُسلم، ولن نُلحق بكم الأذى”. لم تستطع الشاهدة حينها إخفاء دهشتها من تلك الكلمات التي فاجأتها وهدَّأتها في الوقت نفسه، وخاصة حين نظر أحد المقاتلين إلى مائدة الطعام في منزلها ثم استأذنها: “هل لي أن آخذ حبة موز؟”. ولكن الدهشة الأكبر أتت في الوقت الذي ظن فيه ابنها الصغير – بسذاجة سخرت منها الأم – أن المقاتلين يتشاورون بينهم خِفية ليبحثوا عن طريقة للاعتذار، لتُفاجأ بأنهم فعلوا ما هو أكبر من الاعتذار، وما لم يتخيله خيال الصبي: لقد خرجوا من المنزل وأغلقوا الباب وراءهم، وانتهى الأمر.
كانت تلك إجابات المستوطِنة الصهيونية عن سؤال محاورها، وقد أبدت في طياتها ذهولًا من وجود مقاتلين يتصرفون بهذه الأخلاق السامية والرفيعة في حالة حرب. ولكن السؤال الذي لم يسأله المحاور، وربما لم تكن المتحدِّثة لتجيب عنه، هو: ما الذي فعله مقاتلو الصهيونية وعصاباتها حين دخلوا القرى الفلسطينية قبل أكثر من 75 عاماً، وأنشأوا كيانهم على أنقاضها وفوق رفات أهلها؟؛ ذلك الكيان الذي يُشكِّل كلٌّ من المُحَاوِر وضَيِفَتَهُ في ذلك اللقاء جزءاً منه وامتداداً لاحتلاله لأرض فلسطينية اغتُصِبَت على مرأى ومسمع من العالم؛ وتُشكِّل فكرة الإبادة والانتهاكات الإنسانية جزءا لا يتجزَّأ من وجوده، على عكس الدعاية الصهيونية التي تدَّعي بأن العنف الإسرائيلي ليس سوى رد فعل على عمليات المقاومة التي تصفها تل أبيب بالإرهاب.
إن الأرض ليست لأولئك الذين يملكون مساحات شاسعة زائدة، بل لأولئك الذين لا يملكون شيئاً. إنها العدالة البسيطة: أن تأخذ جزءاً من أرضهم من أجل توفير مكان للجوء شعب مُشرَّد ومتجول. وإذا قاومت هذه الأمة التي تملك أراضي واسعة -وهو أمر طبيعي جداً- فيجب إرغامها على ذلك بالقوة”.
زَئيف جابوتينسكي، أحد قادة الحركة الصهيونية التوسُّعية (Revisionist Zionism)

في مقابل هذا النمط الاستعماري يأتي النمط الآخر الاستيطاني الذي لا تكتفي فيه القوى العسكرية باحتلال البلاد وإدارتها ونهبها، بل تمتد سطوتها إلى الحصول على الأرض نفسها وإنهاء الوجود المادي والقومي والثقافي لأهلها، قبل أن تدعو القوى الاستعمارية مواطنيها للاستيطان في الأرض المُفرَّغة واعتبارهم شعبها الجديد، ومِثال ذلك ما حدث في الأمريكتين وأستراليا التي حلَّ السكان الأوروبيون محل الكثير من سكانها الأصليين، وباتوا هم أصحاب الأرض!
وبين النمطين، يأتي نمط ثالث دمج كلًّا منهما وأنتج ما يصفه الباحث “إسلام شحدة العالول” بالكيان الاستعماري الجديد مُمّثَّلا في إسرائيل. ونتج هذا النمط بالاعتماد أساساً “على التراث العنصري الغربي الذي حوَّل العالم إلى مادة استعمارية لصالح الإنسان الغربي صاحب القوة”، ما يعني رغبة القوى الاستعمارية الصهيونية في نهب ثروات فلسطين وتسخير أهلها لخدمة الاحتلال. وفي الوقت نفسه، جرى اختلاق شرعية “أرض الميعاد” ونزع الشرعية عن الوجود العربي في فلسطين، واعتبار الفلسطينيين غزاة محتلين يجب إجلاؤهم عن أرض “إسرائيل المقدسة”، ما يستلزم استيطان الأرض وسلب أكبر قدر ممكن منها، أي إن الاستعمار الصهيوني كان استعماراً واستيطاناً في الوقت نفسه، وهو استيطان مُستمر وليس حَدَثاً منفصلاً، فكل ما يبتلعه من أراضٍ حِل له، دون النظر إلى أي حدود جغرافية أو قوانين دولية.
. ………..
من “إيلات” – العقبة – عبر فضاءات وادي عربة، من عين حصب إلى عين وهبه، علينا أن نعطي أسماء عبرية لهذه الأماكن، أسماء تاريخية، وإن لم توجد فلتكن أسماء جديدة”.
ديفيد بن غوريون.
في توصيف هذا الاستعمار الاستيطاني المُدمج يقول المفكر الفرنسي “جيل دولوز”: إن “إسرائيل لم تُخفِ يوما – منذ نشأتها – هدفها الأساسي لتفريغ الأرض الفلسطينية، ومحاولة إظهارها أرضاً فارغة مخصصة للصهاينة”، واصفاً تلك الممارسة الاستعمارية بأنها ممارسة إفراغية (تفرِّغ الأرض) مختلفة عن نظيرتها الأوروبية المتمثلة في استغلال السكان مع تحويل ما تبقى لديها من هؤلاء السكان إلى مادة استعمالية تسخرها وتستغلها بوصفها يداً عاملة رخيصة، ولا تمحوها بالضرورة. يعني ذلك أن النظام الصهيوني بات حالة استثنائية تجمع بين النمطين الاستعماري والاستيطاني، فهو استيطان يستخدم أدوات الاستعمار، لكنه لم يفلح في محو السكان الأصليين كما حدث في الولايات المتحدة، نظراَ لِمَا يمتلكونه من مقومات ثقافية استعصت على عملية الاستعمار.
بعبارة أخرى، فإن العُمق الثقافي والحضاري لفلسطين، والامتداد العربي الإسلامي لشعبها، كانا مفاجأة لم يتوقعها المُستعْمِر الصهيوني الذي ظن أن تجارب أوروبا في أمريكا وأستراليا ستتكرر معه، ولهذا، فإن الاحتلال يجد نفسه دائماً في حالة تعطش دائمة للإبادة العِرقية والمكانية والهوياتية للشعب الفلسطيني، حتى يتمكن من إعلان كيانه دولة طبيعية يفرضها على العالم بصورة نهائية، ولا تخشى على نفسها من أي مقاومة بعدها. ولهذا فإن الإبادة لم – ولن – تتوقف.
لا بد أن يكون واضحا لنا عدم وجود متَّسَع لشعبين يعيشان معاً في هذه البلاد (فلسطين)، ولا وسيلة لذلك سوى نقل العرب من هنا إلى البلدان المجاورة، نَقْلِهم جميعاً، ويجب ألا تبقى قرية واحدة أو قبيلة واحدة”.!
القيادي الصهيوني يوسف فايتس في يومياته.

– نتمنى يوماً أن نرى فلسطين والصين وقد أصبحتا وحدةً واحدة وجسداً واحداً.. وأن تكون الصين في مقدمة مَن يحتضن فلسطين وشعبها بحنوٍ كجزء عضوي – أساسي منها، ما سيؤدي إلى قَبر المشروع “الصهيوني – الغربجماعي” المشترك للتوسع الإقليمي والدولي، وهو تطلع تريد من خلاله القوى الامبريالية الدولية “إنجاح” التوسعية الإسرائيلية وتجذيرها في “الشرق الـأوسط”، من خلال عملية الإبادة الشاملة والكاملة للشعب الفلسطيني برمته، كما يُصرِّحون علانية وبدون أدنى خجل ولا رادع لهم على امتداد الأيام الراهنة.

– ملاحظة هامة: تم الاستعانة في نص المادة، بالكاتب الكبير والشهير الاستاذ الكبير والمخضرم سامح عودة وصحبه من الكُتاَّب وأصحاب القلم، وهو مُدوِّن بعددٍ من المواقع، أُحب اللغة والأدب والشِعر والفِكر، والكتابة فيهم. يتبع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى