الأُردن الوطن مَلِكَاً وَدَولَةً وحُكُومَةً وشَعْباً.. ونَصر الكَرامَة المُؤزر
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح.
بعد نَيِّفٍ وشهرين أثنين، سنحتفل مُجدداً، أردنيين وعرباً، في الـ21 من مارس/آذارالمُقبِل، بالذكرى الـ56 لانتصار الأردن المُؤزر الذي أحرزه أبطال الجيش العربي الأُردني في “معركة الكرامة” المجيدة، التي اندلعت يوم الأحد الموافق لِ ألـ21 من آذار 1968، التي هُزِمَ فيها جيش الاحتلال الصهيوني شر هزيمة سجلها التاريخ العربي والعالمي في وثائقه وفي سِيرة الأحداث التي تشهدها منطقتنا العربية، فقد كان زُعماء الكيان الغاصب؛ المدعومين تسليحاً ومالاً وإعلامياً من طرف أمريكا والغرب الجماعي الذي فتح أمامهم كل ترسانات أسلحته ليغترفوا منها ما يحلو لهم مجاناً؛ يدَّعون على مدار عشرات السنين المطوية التي سبقت معركة الكرامة؛ بأنهم يديرون جيشاً “متألقاً!” و “لا يُقهَر!”، لكن، تم ببساطة وبجهود الرجال الرجال الأشاوس قهره، وسحقه على الأَرض الأُردنية، التي شهدت سيلان دماء أعدادٍ كبيرةٍ من هذا الجيش المُعتدي على الأَرض الأُردنية المُقدَّسة، لتولي فلوله أدبارها هاربة، ومذعورة، ومرتجِفة وباكية، بعدما تم تدمير قواها وسحقها كما لم يكن مِن قَبل في تاريخها العدواني على فلسطين وعلى عددٍ من الدول العربية، إذ سبق شهدنا آنذاك، وأنا شخصياً أتذكر تماماً كل تلك المَشَاهِد البطولية النادرة الحدوث في عالَم المعارك التي اجترحها الجيش العربي الأُردني العظيم في الكرامة، وسحقه آليات العدو، بخاصةٍ الثقيلة منها، والمُشاة أيضاً، فأفضى ذلك ألى سقوطٍ مروِّعٍ لمقولة تل أبيب والصهيونية الدولية – التي طالما نشرتها هذه الصهيونية في مختلف رياح العالم – ومفادها الكاذب، أن جيشها “لا يُقهر!”، لكن الأُردن، وجميع الأُردنيين، ومَن ناصرهم من القوى، والأَرض الأردنية ورجالاتها الشامخين، وعلى رأسهم آنذاك كان جلالة المرحوم الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، قد قهروا العدو، وأذلوه كما لم يكن مِن قَبل في تاريخه، وطردوه شر طردة من أرضنا المُقدَّسة، حتى بكى جنده وقادتهم لأول مرة في تاريخ حروبهم التوسعية، وكأنهم أطفالاً رُضَّع.
قبل معركة الكرامة لم يشهد العالم قصم ظهر عسكرتاريا هذا العدو بشكل شامل وكامل، وإن كان الكيان الصهيوني قد تعرّض لخسائر كبيرة في معاركه العدوانية المتلاحقة ضد فلسطين والفلسطينيين للنيل منهم ومن شعبنا الأُردني البطل، وبخاصةٍ خلال عدوانه على الأردن والأرض المقدسة، وفي الخامس من حزيران سنة 1967م، إذ إنه احتل جزءاً كبيراً من فلسطين التاريخية، ليعتقد حينها واهماً بأنه غدا “القوة الأُولى في الشرق الأوسط” كما صار يشيع ويُكرِّر ويهدف إلى وضع ولو موطئ قَدم على أرض شرقي نهر الأردن باحتلال مرتفعات السلط، ومحاولته تحويلها إلى حزام أمني للكيان الصهيوني، لكن تطور الأحداث حتى بداية معركة الكرامة وبعد انتصارنا فيها، قد أفضى إلى هزيمة العدو، وتلطيخ سمعة ومقولة جيشه – “الجيش الذي لا يقهر!”، والذي تم قهره ومسح الأرض به، وتمريغه بالوحل وشطب مقولته الكاذبة بأنه “القوة الوحيدة التي لا تتراجع!”، فتم أردنياً تراجعها وقهرها وسحقها على التراب الأُردني بالذات، لتتقهقر باكية وهاربة بسرعة من أرضنا إلى الخلف، إلى عُمق الأَرض المحتلة، خائبة وباكية ومرعوبة، بل ومهرولة بسرعة البرق صوب كيانها المُصطنع بريطانياً وأمريكياً وغربياً، فقد تم تمريغ أنوف ووجوه عسكر هذا الجيش الإسرائيلي وقادته بالتراب ووحول الذلّ، فأصبحت هذه الصورة ثابتة تعكس واقعه المذلول دولياً، وسمة يمتاز بها هو وكذلك قواته الهاربة من أرض المعركة، بعدما سالت من جلود عسكره دماء كثيرة، ليولي هؤلاء المعتدين – التوسعيين أدبارهم هاربين ومذعورين وفزعين أمام جحافل الجيش العربي الأُردني العظيم والقوى الحليفة له.
لذلك، أود أن ألفت الانتباه للحقائق، لنُعيد سوياً تأكيد الوقائع المضيئة التي بين أيدينا، والتي تؤكد أن الدولة الأُردنية باتت أقوى من أي وقت مضى بفضل قيادتها الهاشمية الحكيمة، وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، ولأن شعبنا متآلف ومتماسكة عناصره الشابة، والشجاعة، والمثقفة، والواعية، الخبيرة، بأخطار العدو ومَن يقف من خلفه من قوىً رجعية داعمة له ونافخة في بوقه الإمبريالي والرجعي.
لقد أكد الجيش العربي الأُردني الشهم وبقيادته الحكيمة، وطوال الفترة المنصرمة، وإلى اليوم، بأسه وقوته الفولاذية، وهو واقعياً يُعتبر واحداً من أفضل وأرقى الجيوش وأقواها في المنطقة العربية، وعلى مساحة منطقة “الشرق الأُوسط”، إذ يُنظر إليه، كما تُشِير العديد من من المراجع الأجنبية، على أنه ممتاز التدريب والتنظيم والتجهيز، فالجيش الأُردني يشغل ترتيب متقدم جداً على قائمة أقوى الجيوش في العالم، فقد كانت القوات المسلحة الأُردنية آنذاك بقيادة مشهور حديثة الجازي الخريشا، وهو سياسي وعسكري أردني تولّى قيادة ما عُرف آنذاك بالجبهة الشرقية عام 1965، وبعد نكسة حزيران 1967، إذ كُلِّف بقيادة الفرقة الأولى التي كانت في طليعة القوات لمواجهة العدوان الصهيوني على الأُردن ورده على أعقابه في معركة الكرامة.
كذلك، تؤكد المصادر الأردنية أن هدف ما يًسمّى بِ “إسرائيل” من الحرب ضد الأُردن، ليس هو الهجوم بغرض الهجوم، بل لتدمير قوى الجيش العربي الأردني الشهم، وتحييد بأس المقاومين العرب في بلدة الكرامة، فالهدف الحقيقي كان، وبموافقة كل الغرب الجماعي، احتلال العدو للمرتفعات الشرقية من الأردن، والاقتراب من العاصمة عَمَّان، للضغط على القيادة السياسية الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي أراد العدو الصهيوني فرضها، ولأن الكيان الغاصب كان يعمل ويُخطِّط إلى توسيع مساحة حدوده، من خلال ضم مساحات أرضية أردنية جديدة واقعة في شرقي نهر الأردن إلى كيانه الأخرق، بالإضافة إلى سعي تل أبيب إلى التمسك بها، بقصد المساومة عليها، نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات، لكن كل هذه المخططات الشيطانية وغيرها قد تم قبرها أردنياً مرة وإلى أبد الآبدين، وسيبقى الأُردن الهاشمي عَصِيَّاً على الاحتلال وعلى مَن ينفخ في بوقه المَخروق من عواصم عالمية عديدة عدوة لنا في جوهرها وتطلعاتها للتمدد الاحتلالي والتوسع الصهيو – إمبريالي.
ـ الكاتب عضو قديم في نقابة الصحفيين الأردنيين، والاتحاد الدولي للصحفيين، ويَحمل الجنسيتين الروسية والأردنية، وعضو فخري في “منظمة الصحفيين الكورية”؛ ورئيس “الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكُتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين”؛ ومنظمة أنصار روسيا بوتين؛ ورئيس منظمات أخرى دولية، ويحمل أوسمة وميداليات وشهادات تقدير عديدة من رؤساء دول صديقة وحليفة.
..انتهى..