السياحية الروسية صوب الأردن: أهِيَ مُتوقفة… ؟!
ـ بقلم: الكاتبة يلينا نيدوغينا*
*أكاديمية وكاتبة، ودليل سياحي مُعتَمَد رسمياً، وخريجة جامعتين إثنتين، أولها روسية، وثانيها أُردنية، وإعلامية روسية وأردنية الجنسية، ومُتخصِصَة جامعياً بالتاريخ والسياحة الأردنية، وبالكيمياء الصناعية، ورئيسة تحرير جريدة «المُلحق الروسي»، الناطق باللغة الروسية في صحيفة «ذا ستار»، سابقاً.
منذ عدة شهور طُوِيت هذا العام، لاحظنا تَوَقُّفَاً لدفق السياحية الروسية صوب الأردن، وهو الدفق الموصول الذي اعتدنا على رؤيته وتواصُلة منذ سنوات عديدة. هذا “التطور” السلبي إنَّمَا يعود إلى عدة عوامل، منها على سبيل المِثال لا الحصر، وقف الأُردن لرحلات الطائرات المدنية الروسية إلى المَمْلَكَة لأسباب لم نتمكن من معرفتها للأن، وثانياً لأسباب سياسية، أولها الحرب على غزة والضفة الغربية، ووجود دعاية، أو مايُمكِن أن نُسَمِّيهِ أحاديث غير صحيحة المحتوى، تنعكس سلباً على السياحة الُأردنية في روسيا ذاتها كما تناهى إلى سمعِنا، وهو ما تحدث انا عن وجوده بعض المواطنين الروس أنفسهم، إذ إن هنالك بعض أولئك مِمَّن يعملون عن غير وعي وإدراك على تزوير الوقائع الإجتماعية والسياسية الأُردنية، ماأدَّى، وللأسف الشديد، إلى تجفيفٍ للدفق السياحي الروسي إلى الأُردن، ووقف ضخامته السابقة المعهودة، وبالتالي، وصل الأمر الحالي إلى عرقلة وقائع تكثير السيل السياحي الروسي إلى المملكة، (وهي وقائع كانت إزدهرت خلال حقب مختلفة وحتى عهد قريب في إتجاهات أردنية متعددة)، وهو أمر يدخل حالياً بالذات؛ كما نعتقد، وكما يعتقد غيرنا من المتخصصين المتابعين لهذا الأمر السياحي؛ في صالح وضمن مصالح بعض دول الغرب التي تعتقد كما يبدو للبعض، بأن تلك البلدان ربَّما تريد تعزيز دخولها المالية من العملية السياحية، على خلفية تَقَلُّص عديد السياح الزائرين للأُردن ودولٍ أخرى منها روسيا، لأسباب متعددة كما يبدو، منها الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا.
وبالنسبة إلينا نحن في الأُردن، فأن الدعاية السلبية التي ينشرها البعض في روسيا عن وعي أم دون وعي، وربما عن غباء سياسي أو غيره، أو بسبب “اللاأُبالية”، ولبُعدِ هؤلاء عن الحقائق الأردنية على الأرض الأردنية، إذ إن أولها إنَمَّا هو حقيقة ناصعة ومتألقة هي استتباب الأمن والآمان في المَملكة الأردنيَّة الهاشِمية، من شمالها إلى جنوبها، مايدحض مخاوف البعض في هذا المجال، مِمَّن يشيعون الأكاذيب عن قصد أو بدونه. لكن هذا الأمر، وبغض النظر عن أهداف مَن هم ينشروه أو يتحدثون عنه، يُعتبر حرباً سياحية وغير سياحية، بل “فعلية” على الأُردن، وتشويهاً لوقائعه اليومية، وأولها هو أجواء الهدوء الاجتماعي والسلام الإجتماعي والعام والشامل الذي تتحلى به المَملكة الأردنيَّة الهاشميَّة في كل مناطقها الجغرافية، الذي هو بالتالي المَظْهَر الذي يمكن تعميمه في المجتمع الروسي بالذات، الآن وقبل فوات الآوان، بغية وقف الإشاعات، والتخوّفَات، والتردّد لدى البعض في روسيا من زيارة الأردن سياحياً.
من الضروري بمكان، الآن بالذات وقبل فوات الآوان، تشغيل آلة الدعاية الإعلامية الأُردنية، التي يجب عليها أن تعكس بدقة الواقع والحقائق الأردنية الهادئة المُعَاشة يومياً، واحترام الأردنيين جميعاً – سابقاً وراهناً – لجميع السياح العرب والأجانب، وضمنهم السياح الروس على وجه التحديد بالطبع لكونهم أشقاء تاريخيين لنا، وأبناء الخال لألوف العائلات المختلطة الدَّم الأردنية – الروسية، فما يجري حالياً من لدن بعض الأشخاص مِمَّن لم يزوروا الأردن بعد، ولا يعرفون وقائعه وهدوء مجتمعنا الأُردني، يَنال سلباً وعموماً من السياحية والوقائع الأُردنيَّة مِمَّن هم بعيدون، هؤلاء، كل البُعد جُغرافياً عن الأُردن واقعاً يومياً والسياسة الأُردنية، ولا يعرفون عن قُرب انعكاسات مايُشاع منهم عن الأردن، ومايتفوَّهون به عن الأردن دون وجه حق، وهي أقوال غير واقعية تُهَدِّد بوقف تام للسياحة الروسية إلى الأُردن، فهذه السياحية ليست مجرد سياحة، بل هي رافعة إنسانية كونها الأنسب لتقارب شعبينا الروسي والأُردني، ورافعة لتواصلهما وتآخيهما، ونحن في الأُردن نعمل ضمن هذا المفهوم عندما نشرع إلى ترويج المُثُل الإجتماعية العُليا، لبذل المزيد من الجهود لتعميق علاقات البلدين الصديقين الأُردن وروسيا المتطورة جداً، وتصليب موضوعة ووقائع تلاقح الدم الروسي والأُردني، لئلا يَفِكَّهُ فَكَاكٌ ما مدسوس.. إذ إن شعبينا متآخيين بالزواجات الكثيرة المختلطة، فروسيا والأُردن مرتبطان بعرى تعاون قديمة جداً، تعود لعهود سحيقة ابتدأت خلال العهد القيصري الروسي.
إن إدِّعاءات البعض بـِ “خطورة السفر إلى الأُردن!”، قد يستوردها آخرون؛ لا سمح الله؛ إلى بلدانهم المجاورة لروسيا. لذا، شخصياً أعتقد بأن هذا الداء الذي ظهر مؤخراً، يجب التخلص منه، ذلك أن ثلة مِمَّن لا ضمير لهم يشيعون أن “الأردن عموماً والعاصمة عَمَّان بالذات يشهدان تواصل المظاهرات الشعبية”، الداعمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما يُزعِزع – برأي مَن يُشيع ذلك – الأوضاع الأمنية في الأُردن، وبالتالي، كما يَدَّعون، يُصبح مِن الخَطير بمكان على هؤلاء السياح إعتبار الأُردن وُجْهَة سياحية مُفَضَّلَة لهم، الأن على أقل تقدير..!
إن ما يُشاع كَذباً وبُهتَانَاً ضد الأوضاع الأَمنية في الأردن، وتشويه الصورة الأمَنْيَّة الحقيقية والواقعية للمَملكة، والهدوء الشامل الذي يسودها؛ وهو الذي نعيش في كنفه منذ سنوات طويلة؛ إنَّمَا يَعني أن هنالك مَن هُم يعتاشون على تشويه سمعة ووقائع الأخرين مِن دولٍ ومواقع سياحية، إذ تَسَنَّى لي أن أطلع على بعض الإدعاءات التي تُشاع ضد سياحة الأردن، منها، أن السائح “قد!؟” يَتَعرَّض إلى “مشكلة أمنيَّة!؟” بسبب التظاهرات “المتواصلة؟!” في المَملكة، وهي تظاهرات يدَّعي البعض أنها “تستمر في الأردن!؟” على خلفية مايجري في فلسطين المحتلة من جرائم ضد الإنسان وحقوقه، وبخاصةٍ حقَّه في الحياة والاستقرار والأمن والآمان والخ.
لذا، نأمل في سفارة المملكة الأُردنية الهاشمية في العاصمة الروسية موسكو، العمل النشط لاسِيَّما في الوقت الحالي “بالذات” مع وسائل الإعلام الروسية مِن مَقروءَةً، ومَسموعَةً، وَمَرئِيَّةً، على مايمكن أن نسمِّيه ربما “أجندة” أو “مسألة” عرض الوقائع الأُردنية على الشعب الروسي، تأكيداً على أن المواقع السياحية الأردنية هادئة للغاية، ولا تصلها التظاهرات التي تقوم بالدرجة الأولى في أماكن مُحَدَّدَة ومَحمِيَّة أمنياً، وهي مواقع غير سياحية، ولا يزورها زوَّارٌ ولا سُيَّاحٌ يحضرون إلى المَملكة.
سيبقى الأُردن، وستبقى روسيا، وسيبقى الشعب الأردني وسيبقى الشعب الروسي، أصدقاء وحُلفاء حقيقيين وحَمِيِمِيِن، فعلاقات البلدين مُمتِعةٌ لِمَن يقرأها في المَراجع التاريخية، إذ إنها ضاربة جذورها في أعماق التاريخ المشترك للبلدين، ولا يمكن لأحدٍ أن يَنال منها، فهي عصيّة على كُلِ مَن يريد و/أو ينشر دون وعيٍ منه إدعاءاتٍ من شأنها تشويه وقائعها ويومياتها وسنواتها، القديمة منها والحديثة والمُعَاصِرة، وتخليق هوَّة بين شعبينا، ومَن يستسهل ذلك إنَّمَا هو جاهلٌ جاهل، وغَبِيٌ غَبِي، وبعيدٌ كل البُعدِ عن الوقائع، والتاريخ، والتضامن والأُخوَّة العربية والأُردنية – الروسية، ولا يُدرك وقائع الثبات في النهج السياسي الأُردني الأخوي تجاه روسيا، الذي يرعاه ويصونه الزعيم الجليل والنابه والنابغة والقدوة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الهاشمي المُعظَّم، وفخامة أخيه سيادة الرئيس القَدير والخلاَّق والعَبقري والمُمَيَّز فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، حفظهما الله ورعاهما لِمَا فيه خير ورفعة الدولتين والبلدين والشعبين المتآخيين الروسي والأردني.
ـ جاء في بند “العلاقات الأُردنية – الروسية”؛ وذلك على موقع انترنت “وزارة الخارجية الأُردنية وشؤون المغتربين”؛ النَّص التالي، المتوافر لجميع مَن يَهمُهُم أمر الروابط والصِّلات بين الأُردن وروسيا:
“أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية والاتحاد السوفيتي سابقاً وروسيا الاتحادية حالياً في 21 آب 1963 على أسسٍ متينة من الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل.
وتوطَّدت هذه العلاقات في عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال والقادة الروس خلال العقود الماضية، وتعززت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على جميع المستويات؛ السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية. وأصبحت اللقاءات بين جلالة الملك والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتم بشكل دوري، مما أكسب هذه العلاقات زخماً وقوة ومصداقية، أسهمت في تطوير التعاون وتنسيق الجهود للتوصل إلى حلول سياسية للنزاعات في المنطقة تقوم على مبادئ السلام والأمن والتنمية.
ويؤكِّد الأردن أنّ العلاقة مع روسيا الاتحادية علاقةٌ تاريخية قائمة على الشراكة الاستراتيجية، كما يؤكد على أهمية الدور الذي تقوم به روسيا في إرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة والمساهمة في إيجاد الحلول السلمية لمشاكلها.
ورحّب الأردن على الدوام بدور روسيا الإيجابي والفاعل في قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فقد أكدت روسيا أنّ حلّ القضية الفلسطينية يجب أن يقوم على أسس الشرعية الدولية ومبادئها. وفي السنوات الأخيرة انخرطت موسكو في قضايا الشرق الأوسط بصورة متزايدة، ومن ذلك التدخل الروسي في الأزمة السورية وإسهامها في محاربة عصابة داعش الإرهابية، والتوصل إلى اتفاقيات مناطق خفض التوتر؛ الأمر الذي أدى إلى الحد من العنف في العديد من مناطق سوريا.
ويرتبط الأردن وروسيا بالعديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والثقافية، التي كان لها دور بارز في تمتين العلاقات بين البلدين وبناء شراكة حقيقية واستراتيجية في المجالات المختلفة، وهناك لجنة أردنية روسية مشتركة تجتمع بشكل دوري لمتابعة مجالات التعاون المشترك، خاصة في مجالات الزراعة والسياحة والنقل والطاقة. وفي هذا الإطار، وقّع الأردن وروسيا اتفاقاً لبناء محطة الطاقة النووية. ولتطوير التعاون بين البلدين في المجال السياحي، أهدى جلالة الملك عبدالله الثاني روسيا قطعة أرض قرب منطقة المغطس، شُيّدت عليها كنيسة أسهمت في زيادة أعداد الحجاج المسيحيين لهذا الموقع الديني التاريخي.
ولروسيا دور كبير في استقبال الآلاف من الطلبة الأردنيين الذين نهلوا العلم من معين جامعاتها وأسهموا بعد تخرجهم في بناء الأردن.
وستبقى العلاقات الأردنية الروسية قوية وراسخة لإيمان قيادتي البلدين بأهمية هذه العلاقات واستراتيجيتها بوصفها ضمانةً لترسيخ قواعد الأمن والتنمية والاستقرار في المنطقة.”.
ـ انتهى.