المنظمة العالمية للعمل

الدكتور محمد العبادي

المنظمة العالمية للعمل: حقوق العمل والعمل اللائق في أجندة الأمم المتحدة

تعتبر المنظمة العالمية للعمل (ILO) إحدى المؤسسات الرئيسية التابعة للأمم المتحدة، وتهدف إلى تعزيز حقوق العمل وتحقيق العمل اللائق في جميع أنحاء العالم. تأسست المنظمة في عام 1919 كجزء من معاهدة فرساي بعد الحرب العالمية الأولى، وتعد أقدم منظمة دولية مختصة بقضايا العمل.

تعتبر حقوق العمل والعمل اللائق جزءًا أساسيًا من جدول أعمال الأمم المتحدة، وتعكس القيم الأساسية للعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. يهدف العمل اللائق إلى ضمان وجود فرص عمل لائقة ومنصفة، وظروف عمل آمنة وصحية، وحماية اجتماعية للعمال وعائلاتهم، وحقوق العمال في التنظيم والتفاوض الجماعي. وتعمل المنظمة العالمية للعمل على تحقيق هذه الأهداف من خلال القيام بالأبحاث ووضع المعايير وتقديم الدعم الفني والتعاون الدولي.

تعمل المنظمة العالمية للعمل على تعزيز حقوق العمل من خلال وضع المعايير الدولية للعمل. تعتبر هذه المعايير إطارًا قانونيًا واضحًا يحدد الحقوق الأساسية للعمال في مختلف جوانب العمل، مثل حرية التنظيم والتفاوض الجماعي، وعدم التمييز في مكان العمل، وساعات العمل والإجازات، والأجور العادلة، وسلامة وصحة العمال. تشكل هذه المعايير أساسًا قويًا لتشكيل السياسات الحكومية والقوانين الوطنية وتوجيه الشركات والمؤسسات لتحقيق العمل اللائق.

بالإضافة إلى وضع المعايير، تعزز المنظمة العالمية للعمل التنفيذ الفعال لحقوق العمل. تقدم المنظمة الدعم الفني والتقني للدول الأعضاء لتعزيز قدراتها في تنفيذ وتطبيق المعايير الدولية للعمل. قد يشمل ذلك تقديم المشورة والتوجيه في وضع السياسات والقوانين وبناء القدرات المؤسسية وتعزيز التعاون بين الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال. كما تقوم المنظمة بالترويج للحوار الاجتماعي والتفاوض الجماعي بين أصحاب العمل والعمال، وذلك لضمان تحقيق مصالح الجميع وتعزيز الاستقرار في سوق العمل.

تعمل المنظمة العالمية للعمل أيضًا على تعزيز الحماية الاجتماعية للعمال وعائلاتهم. تشمل الحماية الاجتماعية إجراءات مثل التأمين الصحي، والتقاعد، والرعاية الاجتماعية، والضمانات ضد البطالة والحوادث. من خلال تعزيز الحماية الاجتماعية، يتم تعزيز الأمان الاقتصادي والاجتماعي للفرد والمجتمع بأكمله.

تعد أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 أحد الأطر الرئيسية التي تعمل عليها المنظمة العالمية للعمل. تهدف الأجندة إلى تحقيق تنمية مستدامة شاملة من خلال تكامل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. يعد العمل اللائق وحقوق العمل جزءًا أساسيًا من هذه الأجندة، وتعترف الأهداف المستدامة بأن العمل اللائق يسهم في النمو الاقتصادي الشامل والمستدام ويعزز المساواة ويحد من الفقر والعدوانية.

وختاما تلعب المنظمة العالمية للعمل دورًا حاسمًا في تعزيز حقوق العمل والعمل اللائق في أجندة الأمم المتحدة. تسعى المنظمة لضمان وجود فرص عمل لائقة وظروف عمل آمنة وصحية، وحماية اجتماعية للعمال وعائلاتهم، وحقوق العمال في التنظيم والتفاوض الجماعي. من خلال جهودها، تعزز المنظمة العالمية للعمل العدالة الاجتماعية وتساهم في بناء عالم أفضل وأكثر إنسانية للجميع.