مقالات منوعة

إسرائيل بين القدرة العسكرية والرد العربي: عنجهية تتارية وتحديات مصيرية

لؤي الكمالي

شهدت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في قدراتها العسكرية والتكنولوجية، مما جعلها قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة في أي وقت وأي مكان داخل المنطقة العربية. هذا المستوى المتقدم من التخطيط والاستخبارات يعكس قوة ردعية هائلة، ويضع الدول العربية أمام تحديات أمنية ودفاعية كبيرة.

اليوم، قامت إسرائيل بقصف مواقع في الدوحة بينما كان وفد حماس يشارك في مفاوضات، وهو ما يثير الدهشة والاستغراب من استهداف وفد تفاوضي أثناء إجراء محادثاته. هذا التصرف يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي ويضع علامات استفهام كبيرة حول التوقيت والعلاقات بين العمليات العسكرية والجهود الدبلوماسية.

وقبل هذه الضربة، نفذت إسرائيل سلسلة من العمليات بغطرسة تتارية على مناطق مختلفة، شملت صنعاء، بغداد، بيروت، دمشق، وطهران، ما يعكس مدى تطور قدراتها العسكرية وقدرتها على توسيع نطاق عملياتها خارج الحدود التقليدية.

تتصرف إسرائيل بجرأة غير مسبوقة ببلطجتها، معتبرة الشرق الأوسط ساحة مفتوحة لتحقيق مصالحها مهما كلف الأمر، وكل ذلك تحت غطاء دعوى السلام الأمريكية. وفي المقابل، يكتفي بعض العرب بالتنديد والاستنكار، دون امتلاك أدوات فعّالة لردع العدوان. هذا الوضع يجعل المنطقة عرضة للاستهداف المتكرر، ويظهر أن القوة وحدها هي ما يفرض الاحترام، بينما الاعتماد على الشجب وحده لا يردع أي معتدٍ.

هذا الواقع يطرح تساؤلات جدية حول موقف الدول العربية، ماذا لو اتخذت قطر والخليج ومصر وكل الدول الإسلامية المحيطة موقفًا جادًا وموحدًا؟ هل كانت إسرائيل لتجرؤ على ضرب عاصمة عربية في عمق الجزيرة العربية؟ الرسالة واضحة، القوة وحدها تردع العدوان، والاعتماد على الشجب وحده لا يكفي.

العبرة هنا ليست مجرد امتلاك القوة العسكرية، بل في بناء استراتيجية شاملة تشمل السياسة، والتحالفات، والاقتصاد، والإعلام، إلى جانب القوة الدبلوماسية. حماية الأمن الوطني لا تعتمد فقط على الأسلحة المتطورة، بل على القدرة على استثمارها ضمن منظومة متكاملة تحقق التوازن بين الردع والرد.

من هذا المنطلق، تواجه الدول العربية خيارين: إما تعزيز قدراتها الاستراتيجية والدفاعية لتكون فاعلة في مواجهة أي تهديد، أو الاكتفاء بالشجب والاستنكار، ما قد يقلل من مصداقيتها على المستويين الداخلي والإقليمي. التحدي الحقيقي يكمن في اتخاذ خطوات عملية تعزز الأمن الجماعي، وتحد من التفوق العسكري لأي طرف منفرد في المنطقة، بما يحفظ الاستقرار ويحقق الردع الفعّال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى