الدكتور محمد العبادي
العوامل المسببة لمتلازمة ستوكهولم تحليل للظروف التي تؤدي إلى تطور هذه الحالة
متلازمة ستوكهولم هي حالة نفسية تنشأ عندما يطوع الضحية نفسها للتعاطف والتمايز مع المُعَتَدي. يعود تطور هذه الحالة إلى مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الأفراد في ظروف معينة. وفهم هذه العوامل المسببة يمكن أن يساعدنا في فهم أفضل للظروف التي تؤدي إلى تطور متلازمة ستوكهولم. هنا سنقدم تحليلاً لبعض هذه العوامل:
1. الاحتجاز المضطرب: تعتبر الحالات التي يتم فيها احتجاز الضحية أو اختطافها بواسطة المُعَتَدي من العوامل الرئيسية في تطور متلازمة ستوكهولم. يتعرض الضحية في هذه الحالات لتهديد مستمر للسلامة الشخصية ويمكن أن يكون محاصراً في مكان غير قادر على الهروب منه. هذا الشعور بالعجز والضعف يمكن أن يؤدي إلى تطوير الرغبة في البقاء على قيد الحياة والحفاظ على سلامته من خلال تطوير علاقة إيجابية مع المُعَتَدي.
2. انعدام السيطرة: يلعب انعدام السيطرة على الوضع دورًا مهمًا في ظهور متلازمة ستوكهولم. عندما يكون الشخص محاصرًا ومتوقعًا أن يتعرض للخطر، يمكن أن يشعر بالعجز والاضطراب وعدم القدرة على التحكم في مصيره. يبحث الشخص في هذه الحالة عن أي شيء يعطيه شعورًا بالسيطرة أو الاستقرار، وقد يجد ذلك في تطوير ارتباط إنساني مع المُعَتَدي.
3. التمايز المشوه: يشير التمايز المشوه إلى الإيمان الخاطئ للضحية بأن المُعَتَدي يمتلك جوانب إيجابية أو يعاني من ظروف صعبة تجبره على ارتكاب أفعاله. يمكن أن يشعر الضحية بالتعاطف والتمايز مع المُعَتَدي، وقد يعزز هذا الاعتقاد من رغبته في الحفاظ على علاقة إيجابية مع المُعَتَدي والتحرك بعيدًا عن أي تهديد قد يعرض حياته للخطر.
4. الانعكاس النفسي: يعكس الانعك التفاعل النفسي آلية دفاعية يستخدمها الضحية لتخفيف التوتر والضغط النفسي الناجم عن الحالة المحفوفة بالمخاطر. حيث يقوم الضحية بتغيير اعتقاداته ومشاعره لتتوافق مع تصوره عن المُعَتَدي. يعتقد الضحية أن المُعَتَدي يهتم به ويرغب في رفاهيته، وقد يثني على جودته ويحاول إقناع نفسه بأنه ليس مُعَتَدٍ حقيقيٍ، بل يعاني من ظروف قاسية تجبره على ارتكاب الأفعال الضارة.
5. العواطف المتناقضة: تسهم العواطف المتناقضة في تطوير متلازمة ستوكهولم. قد يشعر الضحية بالخوف والقلق من المُعَتَدي، وفي الوقت نفسه قد يشعر بالتعاطف والرغبة في مساعدته. هذه التضاربات العاطفية تزيد من احتمالية تطوير العلاقة المشوهة بين الضحية والمُعَتَدي، حيث يحاول الضحية تخفيف الخوف والتوتر بتقديم الدعم والمساعدة للمُعَتَدي.
يجب الإشارة إلى أنه على الرغم من توفر هذه العوامل المسببة لمتلازمة ستوكهولم، إلا أنها لا تعني بالضرورة أن كل الأشخاص الذين يتعرضون لهذه الظروف سيطوعون أنفسهم للتعاطف مع المُعَتَدي. فالاستجابة لهذه العوامل تعتمد على العديد من العوامل الفردية والنفسية والاجتماعية الأخرى.
لخلق فهم أفضل للظروف التي تؤدي إلى تطور متلازمة ستوكهولم، يجب دراسة الحالات المعنية والتحليل العميق لتفاصيل الظروف والديناميات النفسية والاجتماعية المرتبطة بها.