الاخلاق ,,,
الدكتور : محمد العبادي
مقال بعنوان/الأخلاق
يحتل موضوع الأخلاق حيزاً رفيعاً في حياتنا اليومية ، فهو يتجلى في تعاملنا وحديثنا وسلوكنا اتجاه الآخرين ، وقد تكون الأخلاق من أعلى القيم الإنسانية، فهي الشعاع الذي يبدد عتمة الظلام في تعاملاتنا وعلاقاتنا مع عالمنا المضطرب أخلاقيا وفكرياً وسلوكياً، إذاً لماذا نشهد في هذه الايام انحداراً كبيراً في القيم والأخلاق ؟ ربما قد يكون التحول الإجتماعي المتسارع قد أدى إلى التخبط وانهيار أخلاق البعض ، غير أن هذا لايؤثر على من تمسك بالقيم وبالموروث الثقافي الأصيل ومن تربى وترعرع على الأصالة ومفهوم الحلال والحرام ، الصح والخطأ.
وللأخلاق اوجه متعددة إجتماعية وتربوية وسياسية واقتصادية ودينية.
ففي مربع الدين، فقد نادت جميع الأديان بحسن الخلق فالمؤمنون هم أحسن الناس أخلاقاً لما يحملون من قيم إنسانية تتجلى في خطواتهم نحو التطبيق العملي،
أما من الناحية الاجتماعية فتظهر الأخلاق في محبة الناس والتعاطف معهم، ومد يد العون لهم ، والإنسان الخلوق يرى في المحبة أنها أفضل وسيلة للتواصل مع الآخرين فتراه مبتسماً ينتقي كلماته بعناية ويراعي شعور الآخرين وخاصة المسيئون منهم متخذاً من قوله تعالى مبدأ للتعامل، بعد بسم الله الرحمن الرحيم (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوهٌ كأنه وليٌ حميم ).
وكذلك في السياسة والاقتصاد فالأخلاق هي العنوان الأول للنجاح ويظهر ذلك في زهد السياسي والاقتصادي في مفاتن السلطة والمكاسب وقد ينفق من جيبه الخاص ويعطي وقتاً من أوقات استراحتة للصالح العام فنراه مبتعداً عن الفساد السياسي والمالي وقريباً من الإصلاح والبناء شاغله الشاغل راحة المواطن وصلاح أمره.
فنراه مدافعاً عن الحقوق مقيماً للواجبات تعلو البسمة محياه يتحلى بروح التسامح والإخاء .
وعلينا أن لا ننسى أو نتجاهل أيضاً ونشير إلى شلال الغزو الثقافي الذي استفحل وانتشر كمرض عضال بحيث قد أثر سلباً على ثقافتنا وقيمنا وشخصيتنا وذلك عن طريق المتغيرات التي تصلنا كل يوم ، بل في كل دقيقة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت تأثيراً كبيراً على المشاهد العربي حيث عكست لنا أنواعاً من السلوك الشاذ والغريب عن مجتمعنا وأخلاقنا مما أدى إلى سلب الشخصية العربية ذاتها وأصالتها وهذا بحد ذاته تحدٍ كبير يجب التصدي له .
فعصر الحداثة والتكنولوجيا هو المهيمن والمسيطر على عقول الشباب.
ولذلك علينا الإستفادة منه وتقديم ماهو أخلاقي لصد الهجمات والأفكار الغريبة عن شبابنا ، واستغلاله أيضاً لتقديم مافيه خير البلاد والعباد بما يتوافق مع ثقافتنا ومبادئنا وقيمنا لنحافظ على ماتبقى من أخلاق لطالما كنا نتغنى بها.