استراتيجية المقاومة في غزة
الدكتور محمد العبادي
تميزت استراتيجية المقاومة في قطاع غزة بالثبات والايمان والثقة التي يتحلى بها عناصرها وبالتركيز على الصمود والصبر وعلى الحاضنة الشعبية، بالإضافة إلى استخدام العمليات العسكرية النوعية والضربات الخاطفة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
كما اعتمدت المقاومة في غزة على إطلاق الصواريخ بكثافة و على الهجمات الجريئة ضد قوات الاحتلال،ومن نقطة الصفر بهدف تحقيق تأثير إستراتيجي وتغيير في التوازن العسكري وقد نجح .
بالإضافة إلى ذلك، استفادت المقاومة في غزة من التخبط الذي احدثته في صفوف جيش الاحتلال و إلى الهلع والعصيان والتمرد على قادة الاحتلال ورفض الخدمة العسكرية ، مما جعل كيان الاحتلال في حالة تخبط وهستيريا فهو غير معتاد على تكبد قواته كل تلك الخسائر وتقبل فكرة الهزيمة .
فإن القصف العشوائي لقوات الاحتلال واستهدافه للمشافي والمدارس ودور العبادة وقتل الآلاف من النساء والأطفال ، جعل العدو الصهيوني في موضع استياء شعبي عالمي كما وجذب انتباه المجتمع الدولي إلى معاناة الشعب الفلسطيني .
إن القتل الواسع والهمجي للمدنيين وخاصة الأطفال منهم كما ذكرنا، وبسقف مفتوح، يؤثر بشكل عميق في تحول قطاع من الرأي العام العالمي من التعاطف مع إسرائيل، إلى التنديد بجرائمها.
وفي تصريح لوزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن حذر القادة الإسرائيليين من الاستمرار في قتل المدنيين لأنه سيحول نصرهم التكتيكي الذي يتمنوه إلى هزيمة استراتيجية .
فإسرائيل لا تخسر فقط معركة الرأي العام العالمي، ولكنها تخسر أيضا المعركة الأخلاقية، ورغم محاولتها بكل الطرق تشويه حركة حماس امام المجتمع الدولي، إلا أن طريقة وداع الأسرى الإسرائيليين لعناصر الحركة بالكثير من الود والمحبة والاحترام، أكدت زيف تلك الاتهامات.
واحتفاظ حركة حماس بورقة الأسرى العسكريين في إطار رؤيتها لنهاية الحرب “الكل مقابل الكل”، فإن ذلك قسم المجتمع الإسرائيلي بين مطالب بتحرير الأسرى ودفع الثمن بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، وبين متشدد بضرورة استمرار الحرب والقصف حتى ولو أدى ذلك لمقتل الأسرى الإسرائيليين.
إذاً بشكل عام، تعتمد استراتيجية المقاومة في غزة على مزيج من القوة العسكرية والصمود الشعبي والجهود الدبلوماسية والإعلامية، بهدف تحقيق أهدافها الوطنية وإنهاء الحصار على قطاع غزة وتحقيق حقوق شعبها.
وعادة ما يكون لأصحاب الأرض الكلمة الأخيرة في أي صراع مع الاحتلال الأجنبي، لأن التمسك بالأرض هو الخيار الأخير لأي شعب، والتخلي عنه يعني الإبادة والتهجير والفناء كأمة واحدة، والذوبان في شعوب أخرى، أما الغزاة فسيعودون من حيث أتوا.