
غزة: اليونيسف تدعو إسرائيل إلى حماية الأطفال وتسهيل وصول المساعدات
الإعلامية د. إنتخاب قلفه
دعا مسؤول رفيع المستوى في صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) السلطات الإسرائيلية إلى مراجعة قواعد الاشتباك العسكرية بهدف حماية المدنيين والأطفال. كما دعا إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية والتجارية، للوصول إلى ما يقارب 500 شاحنة يوميا إلى غزة.
تحدث تيد شيبان، نائب المديرة التنفيذية المعني بالعمليات الإنسانية والإمداد في اليونيسف إلى الصحفيين في نيويورك، اليوم الجمعة، عقب عودته من زيارة استغرقت خمسة أيام إلى إسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وأكد تيد شيبان ضرورة “ألا يُقتَل الأطفال وهم ينتظرون في طابور بمركز للتغذية أو يجمعون المياه. ويجب ألا يكون الناس في حالة من اليأس تدفعهم إلى اقتحام قوافل المساعدات للحصول على الطعام”. وأكد ضرورة “غمر القطاع بالمساعدات عبر كل القنوات والمعابر”.
وقال شيبان للصحفيين: “أتحدث إليكم اليوم بشعور عميق بالإلحاح والقلق البالغ. كانت هذه زيارتي الرابعة إلى غزة منذ بداية الحرب التي اندلعت بعد أهوال السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. تشاهدون الصور في الأخبار وتعرفون ما حدث، لكن الأمر يظل صادما عندما تكون هناك”.
مقتل 28 طفلا يوميا
وأوضح أن علامات المعاناة الشديدة والجوع ظاهرة على وجوه العائلات والأطفال، مشيرا إلى مقتل أكثر من 18,000 طفلا في غزة منذ بداية الحرب – أي بمعدل 28 طفلا في اليوم الواحد، وهو ما يعادل فصلا دراسيا بأكمله. وأضاف: “فقد الأطفال أحباءهم، وهم جياع وخائفون ومصابون بصدمات نفسية”.
وقال مسؤول اليونيسف إن قطاع غزة يواجه الآن خطرا جسيما من المجاعة، مشيرا إلى أن واحد من كل ثلاثة أشخاص في غزة يمضون أياما بدون طعام، “كما تجاوز مؤشر سوء التغذية عتبة المجاعة. اليوم، أكثر من 320,000 طفل صغير معرضون لخطر سوء التغذية الحاد”.
“تجويع وقصف وتهجير”
وتحدث تيد شيبان عن لقائه بعائلات عشرة أطفال قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية بينما كانوا ينتظرون في طابور للحصول على مكملات غذائية مع آبائهم وأمهاتهم في عيادة تغذوية تدعمها اليونيسف في دير البلح، حيث قال: “التقينا بأحمد البالغ من العمر عشر سنوات وكان يقف في الطابور برفقة شقيقته سماح البالغة من العمر 13 عاما، التي توفيت في ذلك اليوم. رأيت صورة لأحمد وهو على عربة يجرها حمار يُلوّح بيأس لإنقاذها وإيصالها إلى المستشفى، لكنه لم يتمكن من ذلك. إنه مصاب بصدمة عميقة ولا يعرف ماذا يفعل”.
وأكد تيد شيبان أنه “لا ينبغي أن يحدث هذا ببساطة. هؤلاء الأطفال ليسوا ضحايا كارثة طبيعية؛ إنهم يتعرضون للتجويع والقصف والتهجير”. كما تحدث المسؤول الأممي عن زيارته إلى مركز علاج سوء التغذية في مدينة غزة، حيث التقى بأطفال رضع يعانون من سوء تغذية حاد.
وتابع قائلا: “كانت أجسادهم مجرد جلد وعظم. كانت أمهاتهم يجلسن بجوارهم، يائسات ومنهكات. أخبرتني إحدى الأمهات أنها لم تعد تنتج أي حليب؛ لأنها هي نفسها جائعة جدا”.
وقال شيبان إن اليونيسف تبذل قصارى جهدها لمعالجة الوضع، من خلال دعم الرضاعة الطبيعية وتوفير حليب الأطفال ومعالجة الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الشديد. لكنه نبه إلى أن الاحتياجات هائلة.
استمرار قتل الفلسطينيين أثناء بحثهم عن الغذاء في غزة
على صعيد ذي صلة، أفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة باستمرار إطلاق النار وقصف الفلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية على امتداد طرق قوافل المساعدات الغذائية وفي محيط مواقع ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”.
ويأتي ذلك رغم إعلان الجيش الإسرائيلي في 27 تموز/يوليو، عن “توقف مؤقت للعمليات العسكرية” في المناطق الغربية من مدينة غزة وحتى المواصي وخلال ساعات محددة “لتحسين الاستجابة الإنسانية”، حسبما أفاد المكتب الأممي في بيان اليوم الجمعة.
وأشار مكتب حقوق الإنسان إلى تقارير أفادت بمقتل 105 فلسطينيين وإصابة ما لا يقل عن 680 آخرين على امتداد طرق القوافل في منطقة زيكيم شمال غزة، ومنطقة موراج جنوب خان يونس، خلال يومي 30 و31 تموز/يوليو.
وبذلك، يبلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلوا أثناء بحثهم عن الغذاء منذ 27 أيار/مايو ما لا يقل عن 1,373 شخصا منهم 859 قتلوا في محيط “مؤسسة غزة الإنسانية” و514 على امتداد طرق قوافل المساعدات.
وأوضح مكتب حقوق الإنسان أن الغالبية العظمى من القتلى سقطوا بنيران القوات الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه وبرغم علمه بوجود عناصر مسلحة أخرى في المنطقة، إلا أنه لا يملك أي معلومات تشير إلى تورطها في عمليات القتل هذه.
وأكد مكتب حقوق الإنسان أن “هؤلاء الضحايا – وغالبيتهم من الرجال والفتيان – ليسوا مجرد أرقام. ولا تتوفر لدى المكتب أي معلومات تشير إلى أن هؤلاء الفلسطينيين كانوا قد شاركوا مباشرة في الأعمال العدائية أو يشكلون تهديدا للقوات الإسرائيلية أو لأي طرف آخر. كل شخص قتل أو أصيب كان يكافح من أجل البقاء، ليس فقط من أجل نفسه، وإنما من أجل أسرته ومن يعولهم”.
“ازدياد الوفيات بسبب المجاعة”
وفي الوقت نفسه، أشار مكتب حقوق الإنسان إلى ازدياد عدد الفلسطينيين – بمن فيهم الأطفال وكبار السن وذوو الإعاقة والمرضى والمصابون – الذين يموتون نتيجة سوء التغذية والمجاعة، حيث يفتقر هؤلاء الأشخاص غالبا لأي دعم ولا يمكنهم الوصول إلى المواقع التي قد تتوفر فيها كميات ضئيلة من المساعدات.
وأوضح مكتب حقوق الإنسان أن “هذه كارثة إنسانية من صنع الإنسان. ونتيجة مباشرة لسياسات فرضتها إسرائيل أدت إلى تقليص حاد في كميات المساعدات المنقذة للحياة في غزة”.
التجويع كوسيلة حرب”
وأكد مكتب حقوق الإنسان أن “توجيه الهجمات المتعمدة ضد المدنيين غير المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية، واستخدام التجويع كوسيلة حرب من خلال حرمان المدنيين من العناصر الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك عرقلة وصول الإغاثة، تشكل جرائم حرب. وإذا ما ارتكبت كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين فق